أظافر طويلة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي خالد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]
كان المساء يخطو خطواته الأولى حين اقتحم مكتبنا (الذي أجلس فيه مع رئيس التحرير) أحد زملائي، وأصدقائي الأعزاء جدا ليفجّر قنبلة صحفية – من النوع الثقيل والمثير – دون أن يستخدم مقدمات، أو تمهيدات، أو ترتيبات تقينا من شظايا هذه القنبلة..!
قال إن زوجته رأت في المستشفى العام امرأة عادت للحياة بعد ثلاثة أيام من إقامتها في الثلاجة، وبعد قيدها رسميًّا ضمن المنتقلين للعالم الآخر..؟!!
طار رئيس التحرير من مقعده – على غير عادته الوقورة – وأمرني بسرعة كتابة (الخبر القنبلة) ليجدني – على غير عادتي – غير متحمس لكتابة الخبر القنبلة (مما أثار دهشته، وغيظه).. وعندما استفسر بنوع من العصبية – لم أعهده منه – عن سر عدم حماسي لكتابة الخبر قلت له: إن هذا (الخبر القنبلة) لا يصدقه عقل فكيف تعيش امرأة داخل ثلاجة ضخمة ثلاثة أيام بلياليهن، وتعود بعدها للحياة..؟!!
ازدادت ثورة رئيس التحرير، وعندما تأكد من رفضي لكتابة الخبر بعد فشل كل محاولاته وسطوته قرر أن يكتب الخبر بنفسه، ويدفع به للمطبعة، وينشر في مكان متواضع جدًّا من الصفحة الثانية لتنقله وكالة الأنباء الفرنسية، وليصبح حديث الناس في الداخل، والخارج..!!
وتمر الأيام سريعاً فترد وزارة الصحة نافية الخبر (جملة، وتفصيلاً) بينما رئيس التحرير مازال على اعتقاده بأن الخبر صحيح (جملة، وتفصيلاً) ويأمر صديقي الذي نقل الخبر، ومعه أحد الزملاء بالبحث سريعاً عن المرأة التي عادت للحياة، وأسرتها لتقديم (حقائق) حية عن الحادثة التي نفتها وزارة الصحة، وتمر الأيام بلا نتيجة، ويبدأ صديقي – رحمه الله – في سرد تفاصيل جديدة بأن زوجته لم تشاهد المرأة التي عادت للحياة، وأنها سمعت الحكاية في المستشفى العام تتداولها النسوة المقيمات في المستشفى، واللاتي أكدن – بما لا يدع مجالاً للشك – مشاهدتهن للمرأة التي خرجت من ثلاجة المستشفى على قدميها بعد ثلاثة أيام، ولم يطرأ عليها أي تغير في صحتها، أو نفسيتها، أو حواسها سوى أن أظافرها قد طالت عن المألوف، والمعروف (وكان التأكيد على طول أظافر المرأة هو الخارج عن المألوف، والمعروف في مثل هذه الأخبار المثيرة)..!
ثم جاءت الظروف بما يخدم الطرفين: الجريدة، والصحة في وقت واحد، فقد حضر لمقر الجريدة قريب مريض كان يعالج في الجنوب (محمّلاً) بملف طبي يؤكد وقوع خطأ فادح بحق المريض حيث نسى الطبيب (منشفة بيضاء) في بطن المريض تسببت في آلام شديدة له حتى تم استخراجها من جديد بإجراء عملية ثانية لها أثرها السيئ.
وكان قريب المريض (يسعى) إلى نشر هذه الواقعة، أو هذا الخطأ الطبي لمحاسبة الطبيب.
ووجدت الجريدة نفسها أمام صفقة صحفية من نوع جديد فتطوي الصحة شكواها من اتهام الجريدة لها بإلقاء مريضة على قيد الحياة في الثلاجة، وتطوي الجريدة شكوى قريب المريض من نسيان (المنشفة) الطبية في بطن المريض، ويرتاح الطرف الصحي، ويرتاح الطرف الصحفي، وتعود المياه لمجاريها..!!
التصنيف:
