أستاذ الجيل.. الذي فقدناه
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد كامل الخجا[/COLOR][/ALIGN]
كان في طليعة المثقفين الخريجين في دار العلوم جامعة القاهرة من المبتعثين الأوائل. وعندما آب إلى المملكة قبيل منتصف القرن الهجري الماضي انضم إلى المديرية العامة للمعارف قبل أن تنشأ وزارة المعارف ـ التربية والتعليم حالياً ـ فأصبح من ألمع رجالاتها في التدريس والإدارة والإشراف ومن ثم انتقل للقاهرة حيث أصبح مراقباً عاماً للبعثات العلمية في مصر واستمر إلى ما بعد نشوء وزارة المعارف.. إنه «عبدالله عبدالجبار» المعلمة الفذة في التعليم وتقنين السلوك التربوي والأديب الملهم المميز بين المميزين في الأدب العربي.
كان في مقدمة الرجال.. الرجال.. الذين أسهموا في زرع بذور فجر مشرق النماء لمستقبل أبناء المملكة في شتى أجيالها.. وفي كافة شرائح مجتمعاتها.. له دوره المعروف كموجه لهم بعد الله تعالى.. والأب المرشد لأفراد البعثات.. فما من خريج منهم وإلا ويحمل لأستاذه.. أستاذ الحياة «عبدالله عبد الجبار» أحلى العواطف من الإجلال.. وأسمى معاني البنوة للأب المحظي برعايتهم الحانية في غربتهم عن وطنهم وأهليهم وهم بعد في يفاعهم وباكورة أعمارهم.. ومنهم الكثيرون إن لم يكونوا كلهم.. تسنموا مراكز قيادية في بناء مداميك البناء الحضاري الشامخ لمملكتنا الحبيبة في الواقع المتجدد.. وعندما تقاعد عن أعباء مسؤولياته في وزارة المعارف. مكث في مصر أكثر من نصف قرن وعمل أستاذاً في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة الدول العربية مشاركاً بعض زملائه من مشاهير عمالقة العلم والثقافة في الوطن العربي الكبير.
وكانت دارته تغص بمريديه من مثقفي المملكة وغيرها من المقيمين في مصر أو زائريها.. وكان له الدور الرائد في إشهار عدد وفير غير قليل من المفكرين والشعراء في العالم العربي. وإنني أدين له في ذلك من الذين يدينون له.. فلطالما قدمني دارساً لشاعريتي في رابطة الأدب الحديث بمصر التي كان نائباً لرئيسها.. وقدمني شاعراً ومفكراً ومحاضراً فيها أكثر من ذي مرة كما أنه كتب عني في بعض مؤلفاته.. ولقد قدر لي مرات.. ومرات المشاركة والحوار وطرح الأفكار والمرئيات في شتى المناحي في ندوته الخاصة مساء كل ثلاثاء التي كانت تضم المشاهير من العلماء والأدباء والصحفيين والفنانين أذكر منهم الدكتور محمد عبدالمنعم النمر من كبار علماء الأزهر ووزير أوقاف مصر السابق والدكتور محمد أحمد محمود شاكر والدكتور محمد عبدالمنعم خفاجة من كبار علماء الأزهر الملقب بالسيوطي الجديد لكثرة مؤلفاته في كافة العلوم والفنون كما العلامة جلال الدين السيوطي.
والدكتور مصطفى عبداللطيف السحرتي من كبار النقاد ورئيس رابطة الأدب الحديث وأحمد رامي الشاعر المعروف وأحمد بهاء الدين رئيس تحرير أخبار اليوم والدكتورة سهير القلماوي ورجاء النقاش الناقد والكاتب والإعلامية القاصة جاذبية صدقي والشاعر علي الجندي والشاعر مصطفى الجيار والشاعر محمد التهامي والشاعر مصطفى حمام والشاعر محمد فهمي وغيرهم من مشاهير مصر ومن الملتزمين بحضور دائم في ندوته الخاصة من العرب السعوديين إبراهيم هاشم فلالي ومحمد سعيد بابصيل وعبدالله القصيمي وعلي حسن غسال وإبراهيم حمزة فودة ومن الحضور أحياناً محمد عمر توفيق وضياء الدين رجب وعبدالوهاب آشي وطاهر زمخشري ومحمد كامل الخجا ومحمد سعيد باعشن وعبدالسلام هاشم حافظ وطاهر الفاسي وأحمد الفاسي وغيرهم من زائري مصر وكذلك الشاعر اللبناني محمد علي الحومائي والشاعران اليمنيان القاضي محمد محمود الزبيري والقاضي أحمد محمد نعمان والشاعران السودانيان محمد مفتاح الفيتوري ومحيي الدين إسماعيل والقاص والإعلامي السوري عبدالهادي البكار.. وغيرهم كثيرون.. كثيرون.
وفي العقد الأخير من السنين عاد إلى المملكة وأقام بجدة واستمر مرجعاً يعتز به وعميداً في الساحات الفكرية ومنذ أعوام ثلاث كرمته الدولة في مهرجان الجنادرية حيث احتفي به وبتاريخه المشهود في سيرته الحية.
وقلده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أعلى وسام وبعد ستة وتسعين عاماً مضى إلى بارئه راضياً مرضياً. اللهم تغمده بشآبيب رحماتك واسلكه في عبادك الأطهار الأبرار.. النزهاء الشرفاء.. وأسكنه في أعلى عليين في الجنة.. جزاء ما أوفى.. وأعطى.. مع من أحبهم ويحبونه.
«الشاعر»
[poem=font=\”Simplified Arabic,4,black,normal,normal\” bkcolor=\”\” bkimage=\”\” border=\”none,4,gray\” type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char=\”\” num=\”0,black\” filter=\”\”]
رَضيِتُ بالموت.. طوعاً.. لا كراهية=ما دام .. «بالمصطفى» المختار قد نزلاَ
فكل من حلَّ في الدنيا له أجلٌ=«فالله سبحانه» قد حَدَّدَ الأجَلاَ
فلا تكادُ تَرَى.. في الفَحْلِ قُوَّتَهُ=حتى تراه عَلَى الأكتافِ قد حُمِلاَ
ولا تكاد ترَى.. في الورد رَوْنَقَهُ=حتى ترى الوردَ في أغصانهِ ذَبُلاَ!!
أ»عبداللهِ».. كم في الدهر كان لكم=من المآثر تاريخاً بكُمْ حَفلاَ
أَسْهَمْتَ تَبنْيِ في «الأجيالِ» كُنْتَ لَهَا=«نَبْعاً» يُرَوِّي ورأياً قَطّ ماَ خَطَلاَ
فكم مضيت أعبد الله عَصْفَ خَطى=وكَمْ تَخَطَّيْتَ في الظلماءِ مشتعلا
ما كُنتَ تخشى حراب الشر مسلطة=ولم تَكُنْ خائفاً منها ولا وجلا
مثَّلتَ عزمكَ تمثيلاً تؤيدهُ=سواعدٌ عانقتْ راياتها «زُحلا»
وكنت تلتزمُ الإخلاصَ تجعُلهُ=شعارَ نهجكَ مهْمَا عبؤُهُ ثقُلاَ
إن الأصيل.. أصِيلٌ في مناقبهِ=ليْسَ الأصيلُ الذي في منْصب وصلاَ
لا يرْفعُ النصبُ العالي عمَالقةً=لكنَّهُ بهمُ سمُو.. لكلِّ عُلاَ!!!
***
كلُّ القلوب «بعبدِ الله» واهلةٌ=كل البلابل بدمْعِها هطَلا
تودُّ.. لو يفتدى بالرُّوحِ من فقَدتْ=ويْلُ.. الرَّدى لا فدى يرْضى ولا بَدَلا
بالأمس كان وفاء الناس مفْخَرةٌ=إذ شيَّعُوكَ جُموعاً سدَّتْ السُّبُلا
واليومَ يروْى شُداة «الشعر» سيرة مَنْ=«أستاذ جيل» فكان القُدْوة المثلى
فاْرقُدْ قرِيرَ العينِ مُغْتَبِطٌ=فَأَنْت ذروة من أعْطى وما بَخِلا!!!
[/poem]
المدينة المنورة
للتواصل: 048443132
فاكس: 048443132
هاتف: 048444171
التصنيف: