[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]حسـام الدجني[/COLOR][/ALIGN]

بوادر أزمة جديدة بدأت تلوح بالأفق بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل، على خلفية الأنباء التي تحدثت عن إبرام صفقة بين مصر وألمانيا تبيع من خلالها الأخيرة لمصر غواصتين من طراز 209، مما أثار حفيظة إسرائيل، وبدأت على الفور حملة دبلوماسية للضغط على الحكومة الألمانية لعدم المصادقة على الصفقة تحت ذريعة الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
فما هي الدلالات السياسية للصفقة؟ وما هي انعكاساتها على توازن القوى في الشرق الأوسط؟ وما مدى تأثيرها على العلاقات المصرية الألمانية الإسرائيلية؟
قد يكون من أهم الدلالات السياسية للصفقة إصرار القاهرة على استعادة دورها ومكانتها الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، عبر تعزيز قوتها العسكرية، وتحديداً القوة البحرية، فمصر تمتلك سواحل بحرية يبلغ طولها ثلاث آلاف كيلومتر تقريباً، وتمتلك أسطولاً بحرياً قوياً، يضم أربع غواصات روسية الصنع من نوع روميو، وما يقارب 10 فرقاطات…
وتأتي الصفقة الجديدة، شراء غواصتين من طراز 209، وهي من الجيل الذي يسبق دولفين 4 والتي تمتلك إسرائيل 4 غواصات من هذا النوع المتطور القادر على حمل رؤوس نووية، انطلاقاً من حرص مصر الثورة على الانطلاق نحو سياسة توازن القوى في المنطقة، وهو ما عبر عنه مسؤولون أمنيون مصريون قبل أيام بأن توازن قوى سيحدث في منطقة الشرق الأوسط خلال المرحلة المقبلة.
وربما تشكل زيارة الرئيس محمد مرسي للصين وإبرامه العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتكنولوجية، وفي مجالات البحث العلمي وتبادل الخبرات خطوة ثانية نحو سياسة الاعتماد على الذات، وقد سبقتها خطوة عودة العقول المهاجرة إلى مصر والعمل لبناء مصر الجديدة، وربما يشكل نموذج مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا أحد تجليات هذا البناء، والذي يقوم على تطوير التعليم والاهتمام بقطاع التكنولوجيا، كي تنتقل مصر من طور المستهلك إلى طور المنتج.
وفي حال وافقت الحكومة الألمانية على الصفقة فإنها ستؤثر على علاقات برلين مع إسرائيل، كون الأخيرة تعمل على إبقاء التفوق العسكري في المنطقة من نصيبها، كي تبقى الفاعل الرئيس في كل الأحداث في المنطقة.
الموقف الإسرائيلي الأخير من صفقة الغواصات 209 يدلل على وجه إسرائيل الحقيقي في علاقاتها مع الجوار العربي وخصوصاً مصر، وأنها دولة لا تريد السلام العادل والشامل، وإنما تريد سلاماً نابعاً من منطلقات الهيمنة والغطرسة والقوة عبر تفوقها العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط على حساب الآخرين.
إن الدوائر التي يعمل من خلالها الرئيس محمد مرسي تؤكد على أن مصر في طريقها نحو استعادة دورها ومكانتها الإقليمية والدولية، وأن البحث عن تطوير قدراتها العسكرية هي الخطوة الأولى نحو النهضة الشاملة التي تحتاج لتكاتف مصري عربي إسلامي لإنجاحها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *