أجساد تنتهكها الثورات

Avatar

سكينة المشيخص

لكل ثورة إفرازات سلبية وقذرة تنتج من خلال الثغرات الأخلاقية في الفعل والسلوك الثوري، وغالباً ما يكون للمرأة النصيب الأكبر من تلك الإفرازات، وذلك في السياق الحقوقي من وقائع الثورات العربية مؤشر خطير لتراجع عميق في احترام حقوق المرأة من الناحية الإنسانية لدرجة تعرضها لانتهاكات تنافي كل القيم والمبادئ المفروضة، والتي ظلت خطاً أحمر في هذه المجتمعات.
تشترك ثورات مصر وسوريا وليبيا في نوع واحد من الاعتداء وهو الاغتصاب كأداة حرب قذرة ومدمرة إنسانياً للمرأة، وذلك بكل تأكيد أمر مرفوض في مجتمعاتنا، وكثير من السيدات يفضلن الموت على الإساءة الجسدية، وذلك ناتج من الموروث والبيئة التي غرست قيمة العذرية والجسد كتابو لا يمكن حتى الحديث عنه فما بالك بالاقتراب منه سواء كان بالرضا أو الاغتصاب، وأن تتعرض 18 فتاة في الثورة المصرية لعملية التفتيش عرايا على يد سجانة ومن ثم الفحص على عذريتهن قضية خطرة خاصة أن ذلك تم بفعل القوة العسكرية والتي كان من المفترض أن يكون لها حداً أدنى من الأخلاقيات والانضباط في التعاطي مع المتظاهرين وشباب الثورة، لكنهم كانوا على النقيض تماماً والمبرر الأحمق الذي ذكروه بكون الفتيات أقمن في الميدان بجانب ذكور وجدوا في مخيماتهم مالتوف ومخدرات مبرر غير مقنع من السلطات المصرية.
وما يفعله شبيحة سورية بالنساء من اختطاف واغتصاب مروع ومتكرر يومياً بدوافع إذلالية وتعذيبية وحشية من شأنه تخليف سيدات مشوهات نفسياً على المدى القريب والبعيد، وقتل الحياة فيهن بحيث لا يمكن استعادتهن لذواتهن مرة أخرى، والثورة الليبية انتجت ذات الأفعال، وهنا نتوقف قليلاً لنطرح السؤال المهم.. إذا كان كل ما تعرضت له هؤلاء السيدات تم على أيدي جلادين ينتمون لأنظمة حكم كانت قائمة من أجل شعوبها وحرائرها، ومن ثم بين ليلة وضحاها تحولت تلك الأنظمة إلى كل هذه البشاعة وأصبحت لها سلوكيات ميلشيات وقطاعي طرق عندما انقلب عليه الشعب، فهذا معناه بأن بعض القادة يعانون ليس من أزمة قدرة على القيادة فقط بل يعانون وأزلامهم من أزمة أنسنة واضحة في التعاطي مع شعوبهم.
وحسب صحيفة (ايدنليك) التركية ذكرت أن 400 سيدة سورية في مخيم (بونيويوغون) في تركيا تعرضن للاغتصاب فحتى في الأماكن التي يفترض أن تتلقى فيها المرأة الحماية تمارس ضدها أعمال العنف المقيتة، فمع هذا الحال الى أين تتجه حقوق المرأة في مجتمعاتنا؟ وكم يلزمنا كنساء حتى نصل إلى بر الأمان؟ وكيف يمكن الحفاظ على إنسانية المرأة أثناء الحروب؟
لنصبح أكثر إنسانية ونتعامل مع المرأة بما تستحقه كإنسانة بحسب قيمنا وأعرافنا وأخلاقنا، وليس إدعاء فارغاً بصونها ومن ثم ننتهك كرامتها بكل امتهان حيواني كما في حال ثورات الحرية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *