[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. ياسر العدل[/COLOR][/ALIGN]

يبدو ان الطريقة التي تزوجت بها هي السبب الرئيسي في انني اصبحت ابا مكسور الجناح منجبا للذكور دون الاناث، فبعد عصور من زواجي اجدني عجوزا اعيش في شقة ملأها الاولاد بمخلفات الذكور، واجدني مستجمعا شجاعات الاقدام على زواج جديد.
الطريقة التي تزوجت بها تكونت من خلطة بسيطة من الاحداث والبشر، ففي زمني القديم نشأت فكريا على التفرقة بين الاولاد والبنات، آمن اهل قريتنا باشعار تردد ان ابناءنا هم ابناء اولادنا وابناء بناتنا هم ابناء الرجال الاباعد، هكذا شرعت قريتنا طريقتنا في توزيع الميراث والمساواة بين الابناء، جارنا الحاج سيد ورث ابنه الوحيد ثلاثة ارباع ارضه تاركا ريعها الباقي لبناته الخمس، بينما عمي الشيخ احمد نادى بمساواة النساء بالرجال، فحين انجب ابنته الاولى اسماها بكرية، وحين انجب الثانية اسماها نعمة، ولما اسرفت زوجته في ولادة اربع بنات اخريات، اسماهن باسماء الذكور عطا وجمال وعصمت وبهجت.
في زمني القديم تربى جسدي على ما تجود به ارض قريتنا من خشاش، ملوخية وبامية وسمك البساريا نجمعه من حقول الارز، وامتلأت شرايين فتوتي بخليط فول البصارة مع زيت القطن وفحول البصل الجافة، ونزت اوردتي بمياه الطرشي واصبحت جاهزا للايمان بان الزواج الفاضل سترة للفقراء. في زمني المتوسط تزوجت فتاة من اهل المدينة، تؤمن بان ظل حائط الرجل افضل من ظل حائط العنوسة، صاحبتها اسابيع اهدهد امامها احلامي في اللحم المشوي والبط المحمر فتتورد خدودها رغبة وتشوقا للحمام المحشي وملوخية الارانب، نسير معا متكاتفين في كل قيظ نعانق الشمس، ونتجنب تحرش جموع الناس في كل ظل، وحين تأكدنا ان الشوارع والبيوت مليئة بالفول المدمس والبصارة وعصير القصب والخروب والبصل الناشف، هاجمتنا جرأة التعامل مع الواقع. في زمني المعاصر لا يخفي حسادي بهجتهم من همومي، يروني ابا للاولاد منجبا ثلاثة من الذكور، الاكبر خريج جامعي يحب كرة القدم، ممتلئ عضلات وفتوة لا يحب البط المحمر، ويتعجب من ضعف قدرتي على حمل جراكن مياه شربنا الثقيلة، والثاني طالب في الجامعة، يعلق صورة لفتاة في رقبته، لا يحب لحم الارانب ويرى افكاري متخلفة لا تحيط بالديسك جوكي ولا تعرف حلاقة الكابوريا، ويؤكد ان نظري ضعيف لا اجيد التصويب ببندقيته الرش، والثالث طالب في التعليم الثانوي، مغرم بمطاردة القطط، لا يحب الحمام المشوي ويرفض ان اغطيه اذا ما تعرى اثناء النوم ويشعر بالضيق كلما حاولت احتضانه، ومعهم تراني صديقتي حبيبتي زوجتي ام الاولاد انني رجل بخيل قاس وقليل البركة ايضا.
هكذا رغم احتياج جسدي للتطبيب وبلوغي العمر المناسب كي يضحي الآخرون براسين ما زلت ابحث عن طريقة عصرية مناسبة اتزوج بها من حسناوات في العشرين، انجب منهن، غير اجلاف الذكور، بنات رقيقات ينثرن في حياتي نسمات انثوية، واني مخلصا اسأل القادر الكريم ان يرزقني صحبة شاب في العشرين لاكون جديرا بحمل لقب ابو البنات.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *