[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رفعة بنت محمد الغامدي [/COLOR][/ALIGN]

عندما كنا نرحب بمعلمتنا ونحن صغيرات، غنينا : أبله نوره يا عيوني، ياللي لابسة الليموني، لابسة الساعة اللماعة، تسوى كل الجماعة… لم نعرف وقتها أننا كنا نرسم بكلماتنا البريئة مستقبلا مشرقا للتعليم في بلادنا الحبيبة، ولم نتخيل أن الأيام خبأت لنا مفاجأة لا يقوى على صنعها وتحقيقها إلا رجل حاسم، يجعل من المعجزة أمرا طبيعيا، ومن الممنوع حقا مكتسبا للمواطن. وهاهي أبله نورة تأتي بأمر من ملك عود شعبه على انتظار الفرح والأخبار السارة، جاءت نورة تحمل معها تباشير الخير والنية الصادقة لتغيير حقيقي، على الأقل تحول في مسار مجتمعنا إلى قبول المرأة كعضو فاعل، يأخذ القرارات الحاسمة، ويغير من خريطة الأمور.ويكفينا حبورا وفخرا أن نورة امرأة منا، وجه بملامح مألوفة، واسم تحمله فتاة أ وامرأة واحدة على الأقل في كل عائلة في مجتمعنا السعودي. نورة… ستنير واقعنا النسائي الذي تقاذفته الأمواج لسنوات طويلة.
تعالي يا أبله نورة، ورممي بيدك الحانية صدع نفوس المعلمات التي تحطم بعضها تحت ثقل الروتين، ودهسته أقدام الواسطة، وشتته الغربة، وانتهى إما باستقالة سريعة متهورة لوقف النزف، أو بحفل تقاعد كئيب ( تلطم ) فيه الأيدي تكريما لمن تقاعدت، أو لتنتهي بالموت على طرق العلم الطويلة.
أعرف أن الجميع يطالبك بأن تكوني امرأة خارقة، لتستطيعي أن ترضي جميع من ينتسب إلى منظومة التعليم، ولكنك بإذن الله قادرة أن تخلصي المؤسسات التعليمية مما يشوه جمال هدفها السامي، وأن تواصلي إكمال مسيرة من سبقوك من صناع النجاح العظماء من أبناء هذا البلد العظيم.
إن هذا التكليف الأنثوي في خارجه، الفولاذي في داخله، يضع حدا لمعاناة النساء سواء الطالبات أو المعلمات، فعند مراجعة بعض الإدارات التعليمية، لن تحتاج المرأة إلى محرم يعرف كيف يهدد ويتوعد، ولن تقف تحت أشعة الشمس الحارقة تنتظر سائقها الذي تاه داخل الإدارات يحمل طلبها أو معروضها. ولن تجلس ساعات طويلة أمام الهاتف يتلقفها مأمور السنترال ليحولها إلى موظف لا يلبث أن يغلق الخط في وجهها.
وإذا كانت المرأة تفهم المرأة، فأجزم أن الأستاذة نورة إذا تعاملت مباشرة مع من دونها في التوصيف الوظيفي، فإنها ستكتشف الكثير من خفايا الأنظمة وكيفية تم تسخيرها للمصالح الشخصية لدى البعض، أو لدفع مراكب التقدم لدى البعض الآخر، بل وستلمس بشفافية أولئك الكادحين الحقيقيين من الذين يصعدون على أكتاف الآخرين.
إنني أستبيح لنفسي وأنا أنظر لهذه المرأة التي جاءت إلى عالم يتلهف إلى تعديل كبير في البيئة التعليمية فأقول : أتمنى أن تكون جميع المباني في مدارس البنات حكومية مجهزة بكل مقومات العملية التعليمية من أجهزة وسائل تعلم ومختبرات ومعامل.
أتمنى أن تستطيع المعلمة والطالبة على حد سواء الدخول إلى دورات مياه صالحة ونظيفة لا تنقطع عنها المياه.
أتمنى أن تعيش كل معلمة مع زوجها وأطفالها، وأن تكون قريبة من عملها، فلا تضطر إلى التحايل على النظام، أو تلقى حتفها في طريقها إلى مجاهل القرى النائية.
أتمنى عندما تُعرض الانجازات على نورة الفايز، وتتشدق الأفواه، أن تقف نورة وتسأل : ما الذي لم ينجزبعد؟
أتمنى أن تبتكر ما يحفظ حق المعلمة ويصون كرامتها، لتستطيع بدورها أن تحمي الطالبة، لأن التعليم الحقيقي طالبة ومعلمة وبيئة تعليمية.
أتمنى أن تضع من القوانين مسبارا يفرق بين الموظفة التي تعمل بجهد وتنتظم في عملها، وبين تلك التي تقضي معظم أيام السنة مستمتعة بإجازاتها المرضية والعرضية والاضطرارية.
أتمنى أن تلحق أبلتنا نورة الإدارات! وأن تضع عينها ويدها قبل أن يتقاسم الانتهازيون الغنيمة، ويُستغل تأنيث الإدارات لجلب أكبر عدد من القريبات والصديقات، ويصبح قانون (امسك لي واقطع لك) هو سيد الموقف!
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *