[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بن أحمد الشدي[/COLOR][/ALIGN]

لقد رضينا حتى الآن على الأقل ..بذلك التعريف السائد والشهير لكلمة الثقافة وهو الأخذ من كل فن بطرق معنى ..هذا يجب أن نعترف بأن هؤلاء الذين توارثنا عنهم هذا التعريف كان لهم فنون معينة ولهم ثقافتهم الخاصة بهذه الفنون .
ـ كما أن لأهل هذا العصر فنونهم ولهم ثقافتهم الخاصة بفنونهم التي زادت وأصبحت أكثر تعقيداً .
لكن دعونا نسأل : ماذا تعني الثقافة القديمة بمفهوم الإنسان العصري ..وماذا تعني ثقافة العصر لأهل القرون الوسطى؟ ! لا نريد أن نعقد الموضوع فنطلب من جولييت في فرنسا أن تحلب الناقة كما كانت تفعل خولة في برقة وثهمد ..كما لا يجوز أن ننعي على خولة جهلها بقيادة الطائرة، أو بإيقاعات رقصة التانجو التي تبرع فيها جولييت في القرن العشرين !!علينا أن نأخذ معطيات البيئة ومتغبرات الزمن وتوفر الإمكانات في الاعتبار ..فلكل إنسان ثقافته الخاصة في العصر الواحد والمختلفة عن ثقافة عصره وأبناء جيله .
نخرج من هذا بحقيقة مؤداها أن الثقافة شيء نسبي، وأنها بنت عصرها وبذلك يمكن أن نحور تعريف الثقافة الشهير على هذه الصورة مثلاً ..الثقافة هي معرفة الإنسان لما هو مستطاع معرفته في عصر ما ..حسب قدرة ذلك الإنسان وبيئته، والامكانات المتاحة لديه .ومع ذلك يبقى هذا التعريف قاصراً لكنه أكثر مرونة على الأقل من الأخذ من كل فن بطرف دون تحديد لحجم هذا الطرف .
إن سقراط أحد فلاسفة الإغريق، وابن خلدون هو أول من وضع أصول علم الاجتماع هاتان معلومتان صغيرتان كل واحدة منهما تعتبر هبأة صغيرة من علمي التاريخ والاجتماع ..فهل كل شخص يعرف هاتين المعلومتين الضئيلتين من بحر العلوم التاريخية والاجتماعية يصبح ذا ثقافة تاريخية أو اجتماعية ..؟! إذن فكلمة \” طرف \” عائمة وكلمة \” كل \” تعميمية تأخذ صفة المستحيل إذ إن الإنسان الذي يستطيع أن يعرف طرفاً من كل فن بإطلاق في عصره وفي العصور الماضية والقادمة لا يوجد بعد !!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *