من رأي وشاهد ليس كمن سمع وأشاع
•• تدهش وأنت تستمع إلى أحدهم متحدثاً عن تجاوزات ذلك المسؤول.. حديث الواثق مما يقول، وعندما تسأله هل أنت مررت شخصياً بتجربة مع هذا المسؤول جعلتك تتحدث بهذه الثقة المطلقة فيقول لك لا.. لكنني سمعت هذا القول من آخرين.
ونسأله وهل أنت واثق من هؤلاء الآخرين بانهم مروا شخصياً بتجربة مع هذا المسؤول فيقول لك لا أدري، ولكنهم صادقون فيما يروون.. فتريد أن تتأكد من كل ذلك فتسأله كيف تأكدت من صدقهم. فيقول لك يا عمي كل الناس يتحدثون عنه.. ونسى هذا في غمرة حماسته لما سمعه وصدقه ذلك القول الذي يقول وما آفة الأخبار إلا رواتها.
ولا أعرف كيف يتحدث الإنسان عن موضوع كل ما عرفه عنه سماعاً من الآخرين.. وهؤلاء الآخرين لن يكون مصدر روايتهم واحداً، بل عدة مصادر مختلفة، وكل راوي له طريقته في الرواية يضيف وينقص ويزين الحكاية حتى تبدو للمستمع أنها حقيقة فيذهب الى المستمع بمحسناته في الرواية فيضيف إليها من خياله ما يجعلها مكتملة الشكل والصورة.
إن من رأى وشاهد ليس كمن سمع وأشاع.
فكم من مسؤول ذهب ضحية كذبة أطلقها أحدهم لموقف وقفه ذلك المسؤول معه فراح يجهد خياله الواسع ينسج قصة قد لا تكون صحيحة، بل قد تكون حدثت في سياق غير السياق الذي أشاعه.. ومن ثم أخذت هذه القصة نوع الرواية لتعدد السامعين، والذين لقيت لدى بعضهم هوى لمواقف من عندياتهم ضد ذلك المسؤول.
إنها حكاية الاشاعة التي ابتلى بها المجتمع، وأصبحت من أمراضه المزمنة والخطيرة خصوصاً مع ظهور هذه الشبكات في عالم الاتصالات التي سهلت في نقل الاشاعة، وجعلتها كالهواء يتناقلها الكثيرون مع الأسف.
التصنيف: