د. منصور الحسيني

لفتت نظري العبارة التي استخدمها الإعلامي النشط الأستاذ تركي الدخيل في مقاله (برج الأحوال المدنية) في الزميلة صحيفة الوطن \”الشق أكبر من الرقعة\” وجعلني أتساءل: هل هذا يعني فقدان الأمل؟ بالطبع لا أنا ولا الطموح تركني، نتمنى الوصول لهذه القناعة حتى لا نفقد الأمل في أنفسنا ولكن الواقع أحياناً يفرض عليك تلك الصورة الداكنة التي تجعلك تكرر المقولة المنسوبة لسعد زغلول \”مفيش فايدة\”.
جميع النظريات العلمية ونتائج الأبحاث النفسية، الاجتماعية وكذلك العضوية تشجع على التفاؤل وتوقع تغير الحال إلى الأحسن مع شروق شمس كل يوم جديد حتى وأنت تواجه أحلك الظروف بمختلف تصنيفها، لأنه الطريق الوحيد الذي يضمن لك بعض الإيجابيات حتى في ظل عدم تغير الحال لأنك بذلك تكسب الجولة في البعد عن الكدر الذي قد يزيد الأمر سوءًا.
لكن تعلق كثير من عشاق الوطن يجعلهم يراجعون أحواله في الليل والنهار لأنها تمثل أحوالهم وأحوال أجيالهم ولأنهم يؤمنون أنهم أعضاء مسؤولين في جسد الوطن بدون قرارات تعيين، فعندما يناقشون حال البلديات يجدونها مكسرة الطرقات مع شوية شجيرات، ينتقلون للتعليم فتواجههم مناهج أثرية ومبانٍ مهترئة، يعرجون على الصحة فتقابلهم أخطاء طبية مع أسعار خدمات وعلاج تصاعدية بالرغم من حصولها على أعلى ميزانية، فيرتفع ضغطهم ويفكرون في تغير موقعهم الجغرافي ويقصدون الخطوط السعودية فتصبح حالتهم غاية في البؤس لأنهم يجدون نفس المشهد الذي يشتكي منه الجميع كل يوم يتكرر إلى اليوم.
عندها تخرج تلك العبارات داكنة الألوان التي لا يلام عليها عاشق يخاف على عشقه أو مسؤول يحاول أن يحمي الجسد الذي هو عضو فيه من أمراض العصر الفتاكة، لكن من ينتهج التفاؤل لا يجد بدّاً من الرجوع إلى الصواب في أنه لابد من استمرار المحاولات الحسنة لحصول التغير إلى الأحسن والذي يبدأ بقبولنا للنقد البناء الذي يعتبر من علامات تطور الشعوب مهما كانت قسوة عباراته أحياناً لأننا نهتم بالجوهر وليس المظهر، فيبقى السؤال الأكثر واقعية هو من أين نبدأ؟ كيف يمكننا استخدام الرقعة لتغطية أغلب الشق والتعامل مع الجزء المتبقي في مراحل أخرى قد نجد لها تغطية مع الزمن وتطوراته؟
أعتقد أن البداية لابد أن تحظى بمخطط عام (Master Plan) يراعي الأولويات وتكون خطة تنفيذه عبارة عن برامج مترابطة تسند مسؤولية تطبيقها إلى مسؤولين بجدول زمني يوافقون عليه بعد إعطائهم الصلاحيات وتوفير الموارد لكي نستطيع محاسبتهم بل عقابهم في حال تقصيرهم الذي هو تقصير في رعاية صحة وسلامة جسد الوطن الذي إذا ما اشتد مرضه تصبح تكلفة رعايته باهضة الأثمان ويصعب علاج هيكله حتى لو تدخل الأطباء الألمان.
لابد أن ننتقد أنفسنا، لابد أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، قد نتشاءم أحياناً، لكننا قطعاً لن نفقد الأمل، فبالتفاؤل تحدث أنجح البدايات.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *