ماذا حصل في تطوير العشوائيات ؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. محمود محمد بترجي[/COLOR][/ALIGN]

يتزامن هذا المقال والتحقيق الجاري مع المتورطين في كارثة سيول جدة,وكما نعلم أن أحد الأسباب لتلك الكارثة وغيرها من الكوارث هي الأحياء العشوائية, ومنذ عدة سنوات ونحن نسمع عن خطط لتطوير العشوائيات والتي تنتشر في مناطق مختلفة من محافظة جدة , وكانت الأمانة قد أحصت أكثر من 50 منطقة عشوائية في محافظة جدة تشكل 16 % من المساحة ,حيث بلغت أكثر من 220 كيلو مترا مربعا ، تضم 200 ألف وحدة سكنية , وكان وراء ظهور المناطق العشوائية هو التعدي على أراضي مخططات معتمدة أملاك خاصة\” أو أراضِ الدولة أملاك عامة\” وتتصف تلك المناطق بأنها غير مكتملة الخدمات والمرافق الضرورية فلا يوجد بنية تحتية لهذه المناطق (شبكة مياه ، صرف صحي ، هاتف)، وأغلب مبانيها بدون تراخيص بناء ولا تخضع للأسس التخطيطية والمعمارية النظامية ,ويتضح ذلك من خلال كتل وارتفاعات المباني والارتدادات ونسب البناء وتقلص الفراغات وانحسار المسطحات الخضراء, كل ذلك زاد من التلوث الصحي والبيئي والبصري ’كما أن تباين عروض الطرق والتوائها بسبب عشوائية البناء وعدم سفلتتها وترصيفها ساهم في صعوبة حركة المرور ،لذلك قامت الأمانة بوضع أولويات تنفيذ وتطوير المشاريع لتلك المناطق العشوائية عبر خطط قامت بإعدادها وجدولتها للعشر سنوات المقبلة ، واعتمدت لذلك تطوير 3 مناطق عشوائية كبرى كمرحلة أولى ، وهي منطقة خزام 3.720.000 متر مربع\” ، منطقة الرويس 2.122.000 متر مربع\” ,والمنطقة التاريخية, ورصدت التقديرات المبدئية للتعويضات 8 مليار ، 3 مليار ، 700مليون\” على التوالي . بعد هذا الاستعراض للوضع القاتم لتلك الأحياء والحلول المتفائلة التي تحدثت عنها الأمانة, فأين أصبحنا من تلك المشاريع التي لم نعد نسمع عنها ، هل العمل في صمت وفق مبدأ \”استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان\” أم أن هناك ثمة شئ آخر ، (إحجاب المستثمرين ، إعتراض من الأهالي ، تغيير الخطط ، اختلاف السياسات , تأخير مواعيد التنفيذ، قرارات عليا) وقد تكون قضية التمويل هي السبب الرئيس والأوجه ,فإذا كانت قيمة التعويضات في تلك المناطق الثلاث تتجاوز 11 مليار ريال فكم كلفة هذه المشاريع، 100 مليار ريال بافتراض أنها تمثل 10%, كما يفترض تمويلها بالكامل من القطاع الخاص , والسؤال الذي يطرح نفسه أي قطاع خاص يستطيع التمويل بهذا الحجم لتنفيذ مشاريع من مدينة واحدة ، لاشك أنها مشاريع أشبه بالحلم أبعد ما تكون عن الواقعية، والسبب دائما يتمثل في عدم وجود خطط بعيدة المدى, وعند مواجهة أية مشكلة نبدأ وقتها برسم الخطط ونحدد آليات التنفيذ بحيث يكون مرتهن بعامل الوقت لتعويض فارق الزمن والذي تأخرت فيه المشاريع عشرات السنين, ويعد ذلك مخالف لأنظمة الكون التي سنها عز وجل, فالله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض في سبعة أيام مع إنه القادر لأن يقول للشيء كن فيكون ولكن لحكمة يريدها هو, فالتخطيط الاستراتيجي في كافة المجالات بات مطلبا ملحا وأن يكون التنفيذ على مراحل خلال جدول زمني معين ومن خلال أسس علمية سليمة ، وطي صفحة الماضي بإيجابياتها وسلبياتها, بحيث لاتتأثر خططنا اليوم بما حدث من تقصير بالأمس،المهم أن نبدأ فمرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ’ولتقريب الصورة أكثر وإسقاطها على موضوعنا ، منطقة خزام على سبيل المثال يمكن أن تقسم إلى ست مناطق تنظيمية كلاً منها 500 ألف متر مربع تقريبا تفصلها شوارع طولياً وعرضياً لا يستغرق مدة تنفيذها سوى أشهر معدودة كمرحلة أولى, فنكون قد حققنا إنجازاً أمنياً من خلال \”خلخلت\” تلك الأحياء, وإنجازاً عمليا آخرً نحو تطوير كل قسم حيث نتعامل معه كحي عشوائي مستقل والذي بدوره نقسمه إلى محاور أفقياً وعامودياً تتيح لأكبر شريحة من الشركات المتوسطة والكبيرة في القطاع الخاص من الإستثمار فيه .
فاكس 6602228 02

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *