لماذا يعاد نشر الرسوم المسيئة؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالحميد سعيد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]
يحار المرء في فهم الفعلية الأوروبية أو السياسة الأوروبية تجاه الآخرين. ففي الوقت الذي تفتح هذه البلاد أبوابها أمام المهاجرين من دول العالم الثالث، وبشكل خاص من الدول العربية والإسلامية، وفي الوقت الذي يحيط هؤلاء المضطهدين في بلادهم دينيا أو سياسيا، وتخصص لهم رواتب، وتؤمن لهم إقامة جيدة من منطلق إيمانها بحقوق الإنسان وحريته وكرامته، تراها هذه الأيام وكأنها قد تخلت عن سياستها ودساتيرها، وأخذت تتعرض لحقوق هؤلاء الناس ومعتقداتهم ومقدساتهم ضاربة عرض الحائط بأحاسيس ومشاعر الناس المستجيرين بها، وبأحاسيس ومشاعر مليار ونصف من المسلمين في العالم، دون اعتبار لما يمكن أن ينعكس عليها من نتائج سياسية واقتصادية سلبية.
عندما ظهرت الصور المسيئة في بعض الصحف الدنماركية ثار العالم الاسلامي، كما امتعض كل انسان يمتلك الحد الأدنى من العقل، وخرجت المظاهرات المحتجة في كل دول العالم الاسلامي وقوطعت البضائع الدنماركية لترد أوروبا ذلك بإعادة نشر الصور المسيئة في عدد كبير من صحفها تضامنا مع الرسام والصحيفة والمجلة الدنماركية التي نشرت الصور، وهدأت النفوس بعد ذلك، وعاد الناس إلى البضائع الدانماركية، لنفاجأ اليوم بإعادة ذلك، وبظهور فيلم هولندي يسيء إلى شخصية النبي محمد والإسلام.
وعلى الرغم من صدور صرخات تحذير لرعايا الدنمارك وهولندا، وإبداء القلق على الجنود الهولنديين المشاركين في الحرب في افغانستان، ما تزال حملة التشويه والإساءة متواصلة مما يدل على أن في الأمر سراً ما يزال خافياً على كثير من الناس والدول العربية والإسلامية.
ما يحدث ليس عفوياً، ولا يمكن وضعه تحت بند حرية الفكر، بل هو برنامج منظم وضعته أيد مشبوهة، وفئة يمينية متطرفة لتقيم حواجز أبدية بين شعوب أوروبا المتمدينة، والمسلمين الذين ظلوا يعيشون في إطار ضيق، وفشلوا في الإندماج بالمجتمعات الأوروبية.
لينتبه المسلمون للأيدي التي تحرك هذه الخيوط فمراكز الدراسات والبحث في أوروبا التي تقدم الدراسات حول اغلاق الباب أمام المهاجرين المسلمين، وإعادة أغلبهم إلى بلدانهم الأصلية، لأن بقاءهم في الدول الاوروبية يخل بالواقع الديمغرافي في السنوات القادمة إخلالاً كبيراً.
وقد يرسخ ذلك بعد حوادث ايلول في امريكا، وبعد عمليات تفجير القطارات والحافلات في كل من لندن ومدريد، وبعد إحراق عشرات الألوف من السيارات والحافلات في باريس، وبعد اغتيال المخرج الهولندي فان كوخ، وبعد اكتشاف عدد من خلايا القاعدة الارهابية في كل دول أوروبا، فالاوروبيون قد استيقظوا منذ خمس سنوات على واقع مربك، واحسوا بخطورة الجاليات الإسلامية على ثقافة تلك الدول وتوجهاتها وهوياتها، فجاءت هذه الحملات المحركة بأيد صهيونية لإثارة المجتمعات الاوروبية ضد المسلمين، وتصويرهم بأنهم ارهابيين وقتلة لا يمكن التعايش معهم أو الوثوق بهم.
وهذا خطر جداً على المسلمين الذين يعيشون في تلك الديار وللأسف الشديد.
بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والمعسكر الإشتراكي كان لا بد من خلق عدو جديد لمصارعته . ولسوء حظ العرب والمسلمين كانوا هم هذا العدو، لأن الصراع على أساس ديني يخدم اسرائيل التي طالبت أمريكا بأن تكون دولة يهودية نقية.
فلنتحسس مواقع أقدامنا ونحن نتعامل مع هذه القضية، لأن ذلك التيار اليميني يريد أن يبلغ الأمر شأوه، وتحدث القطيعة ليتخلص هذا المجتمع الاوروبي من تلك الاقليات غير المندمجة في المجتمع، والتي غدت تشكل خطراً على بقية المجتمعات الأوروبية.
التصنيف: