لماذا لا نضع لأنفسنا أهدافاً واقعية محددة ؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]
هناك مثل عامي يقول (تحلف لي أصدقك أشوف أمورك استعجب) ويقال مثل هذا القول على الشخص المتذبذب الذي يقول شيئاً ويعمل بغيره.
ففي واقعنا المعاصر شواهد كثيرة يدعي البعض منا الفكر والأمانة والتعقل أحياناً وكمال الشخصية أحياناً أخرى وهناك من يدعي النزاهة والمبدأ والعصامية وهو على غير ذلك. كما نجد هناك من تكون قدراته متواضعة ولكن طموحاته أعلى من قدراته، وهو وإن لم يقدم شيء ولم ترى في سماته العبقرية أو الشخصية المتكاملة. لكنه يفكر في أن يعتلي أرقى المناصب وأعلى الكراسي، حقيقة إنه لا يرى في أصدقائه المستوى الذي يطمح إليه فتراه يتركهم ويبحث عن تكوين صداقات أخرى مع علية القوم وكبار المسئولين ووجهاء المجتمع وأعيانه. إن مثل هذه الفئات هي كثيرة في مجتمعنا المعاصر. مثل هؤلاء يضعون أمام أعينهم أهدافاً ومستويات فوق مستوى قدراتهم وهم يحاولون الوصول إليها حتى لو كانت تبدو لهم في غالب الأحيان بعيدة المنال. فهم وإن كانوا متكيفين مع أحلامهم وآمالهم لكنهم في حقيقة الأمر غير متكاملي التوافق والوضوح مع ذاتهم في أحيان كثيرة.
فالشخص العادي المتزن والسوي والذي تتكافأ قدراته مع طموحاته ويبذل الجهد والعمل المستمر في تحقيق أهدافه حتى يصل إلى غايته على أن لا يكون البعد شاسعاً بين فكرته عن نفسه وبين غاياته التي وضعها لنفسه. الشخص الذي يتخذ لنفسه أهدافاً أعلى من مناله بكثير إنما يُعرِّض نفسه للشعور الدائم بخيبة الأمل والفشل والإحباط وأحياناً كثيرة احتقار الذات إذ أنه لن يصل أبداً إلى تحقيق غاياته التي رسمها بعيده كل البعد عن الواقع. كما أن الشخص الذي يصنع لنفسه أهدافاً أقل بكثير من قدراته أو فكرته عن نفسه هو أيضاً شخص غير سوي إذ أنه لا يستغل جميع إمكانياته في سبيل الجماعة. فضبط النفس معناه أن يتحكم الشخص في رغباته وأن يكون قادراً على إرجاء إشباع حاجاته. أو أن يتنازل عن لذاته في سبيل كسب الثواب الآجل. وهنا نقول بأن فلاناً من الناس لديه قدرة فائقة على ضبط نفسه وإدراك العواقب.
لا نشك أبداً أنه يستحضر في نفسه جميع النتائج التي يُحتمل أن تترتب على أفعاله في المستقبل. وعلى هذا الأساس يستطيع أن يبني سلوكه وتصرفاته تباعاً لخطة يضعها لنفسه. خطة يرسمها على أساس ما يتوقعه من نجاح وتوفيق لأفعاله في المستقبل البعيد. وحقيقة أن مثل هؤلاء يستمدون قدراتهم من ضبط النفس والتحكم في سلوكهم من خلال تقديرهم للأمور تقديراً مبنياً على موازنة النتائج وتمحيصها. وهناك قاعدة نفسية تقول: \”إنه كلما زادت القدرة على ضبط النفس كلما قلت الحاجة إلى الضبط الصادر من سلطة أخرى خارجة عن الإرادة\” . والشواهد كثيرة اليوم في مجتمعنا المعاصر
فقصة .. عبده مشتاق.. مشهورة ومنتشرة بشكل واضح بين المتعلمين والمثقفين في مجتمعنا اليوم بصفة خاصة فالقدرات الوهمية والطموحات الكبيرة أضاعت جهود وحياة الكثير من هذه الفئات الذين للأسف لا زالوا يؤمنون بالواسطة أو القرابة أو التسلق على أكتاف غيرهم وإقامة علاقات مصالحية ودية مع كبار المسئولين أو الأعيان للوصول لغاية في نفس يعقوب.
وهناك منا من تساعده الظروف ليعتلي مناصب كبيرة ولكنه عند إعفائه تراه ينهار نفسياً واجتماعياً ومحطماً فكرياً كما أنه لا يزال يحاول التعويض عما فقده من منصب ومكانة وعلاقات فوقية لذا فهو يفرط في ثقته بنفسه وآرائه ولا يزال يحاول أن يعوض تلك المكانة المسلوبة بأخرى قد تكون مثلها أو أفضل منها يبحث عن ترأسه لجماعة أو مركزاً اجتماعياً لا لشيء سوى حب الظهور والبحث عن مكانة بين وسطه الاجتماعي.
قد يكون هذا المنصب سبباً لشقائه وإصابته بالأمراض النفسية. مثل الاكتئاب والقلب والاضطراب والصراع النفسي وغيرها حتى يصل إلى الأمراض العقلية، فتنتابه هواجس ووساوس قهرية تجعل منه شخصية مفرطة الثقة في نفسه فلا يعتمد على غيره حتى إبنه في إدارة أعماله الخاصة ولا يزال يتصدر المجالس ويفرض نفسه على مجتمعه وأقاربه بعكس الشخص السوي الذي يرى أنه منصب عابر فلم يُختار لعبقريته أو تميزه ولكنه أُختير لقربه من صاحب القرار ثم يعود لحياته العامة ليدرِّس في كليته كما هو الحال في المجتمعات الغربية التي يخرج فيها المرشح بخبرة وتجربة شخصية يستطيع من خلالها أن ينقلها لمجاله في جامعته وأن يحاضر في المنتديات عن خبرته التي اكتسبها في عمله في المجالس النيابية.
وحتى لا نكون سطحيين شديدي الحساسية والثقة المفرطة بأنفسنا يجب أن نكون صادقين مع ذاتنا وإمكاناتنا فهي إن دامت لغيرك ما وصلت إليك.
التصنيف: