لحوم مسمومة وأخرى طيِبة

• تماضر اليامي

نحن على حق وهم على باطل.. فلماذا تأخَرنا وتقدَموا..؟ السِر هنا.
خلقنا مسلمين ولأننا وجدنا أنفسنا مسلمين وعلمنا ان ديننا هو الحق وجاءنا قرآننا بالبينات، فقد اكتفينا بما وجدناه وما تعلَمناه من القرآن.. أو حتى من مفسِر قدَسناه وتركنا تفسير غيره وتفسير عقول لدينا مثلهم! فبينما انَ القرآن صالح لكل زمان ومكان وقد أنزل لأسلافنا ولنا ولمن بعدنا، ولكنَنا قرأناه لحفظه وليس لتطبيقه فلم نبن عليه حضارة ولا مستقبلاً.
وتجاوزنا ذلك فحكمنا على من راودته نفسه ان يخالفنا ويستخدم ملكة العقل، فيسأل ويبحث ويستنتج، بالإعدام وردَدنا: “لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم”. واتَهمنا كل من يكثر السؤال بالتشكيك.. وحذرنا الناس من كثرة البحث والتفكير لأنه، كما برَرنا لأنفسنا ولهم، سيؤدي بهم الى الإلحاد لا محالة، وكأن نبينا ابراهيم عليه السلام لم يتفكَر في الشمس والقمر ولا في النهار والليل حتى زاد ايمانه ويقينه. ثم أشبعنا أنفسنا تناقضا فاحتفينا بعلماء الدين وتسابقنا لنغرف من علمهم وأغرقناهم بطلبات الفتاوى وتبعناهم ونحن نردِد: “إنما يخشى الله من عباده العلماء”! وهل يصبح العالم عالما دون بحث أو تفكير أو سؤال أو إضافة.
تركنا كل علوم الدنيا وأصبح حافظ الكتاب والسنة هو العالم دون غيره.. ولو كان حفظه دون فهم أو تطبيق، فكل حافظ أصبح شيخا معصوما، وان أخطأ فناله النقد، أمطرنا الناقدين بوابل من السِباب والشتم والقذف وردَدنا: ويحكم! لحوم العلماء مسمومة.. ثم نبغ لدينا عالمات في الطب و الفيزياء والطاقة النووية وغيرها وتبحَرن في العلم حتى أتين باختراعات كرَمهنَ العالم من أجلها.. فأشبعنا أنفسنا تناقضا وأمطرناهنَ هنَ الأخريات بوابل من السِباب والشتم والقذف ونسينا أنَهن علماء كذلك.. إذن فلحومهنَ مسمومة..؟! أو تناسينا.
استسلمنا لبلادة الجسد والعقل وأمضينا أعمارنا في قراءة القرآن والصلاة فقط.. ونحن نردِد قوله تعالى: “وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون”.. ثمَ أشبعنا أنفسنا تناقضا ففرحنا بكل اختراعات الغرب المفكِر وابتعناها واستخدمناها وكل تفكيرنا “مثواهم النار وبئس المصير”.. أولم يأمرنا الله بالتفكير والتدبُر والتأمل كذلك.. أوليس اعمار الأرض عبادة؟!
نعم آمنَا ببعض الكتاب وكفرنا ببعض.. آمنَا بما وافق تكاسلنا وتخاذلنا واستسلمنا للسُبات العميق وتركنا بعضه الآخر لهم فتقدَموا وتأخَرنا وربَما أضاعوا آخرتهم وربَما أضعنا دنيانا وآخرتنا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *