لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ
قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز- طيب الله ثراه – مخاطباً القائمين على مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في عام 2009م : (إن المرحلة الراهنة تقتضي تضافر الجهود لإيجاد استراتيجية وطنية تمكّن الشباب من التعرف إلى الطريق الصحيح نحو العمل والتنمية وتنير عقولهم بقيم الوسطية والتسامح والإخاء التي يدعو إليها ديننا الإسلامي الحنيف وتحميهم من الانجراف وراء التيارات الفكرية المضللة التي لا تريد لهذا الوطن الخير ولا الاستقرار وتحاول السيطرة على عقول بعض الشباب لثنيهم عن الدور المنشود منهم في مجال البناء والتنمية).
ما يشهده الوطن في الوقت الراهن من تحديات كبيرة في مواجهة التطرف والارهاب من بعض الفئات الضالة التي انحرفت عن جادة الصواب جاءت نتيجة تراكمات لممارسات سلوكية وأخطاء اجتماعية غفل عن تصحيحها الجيل الأول من المربين وأولياء الأمور فوقع في براثنها النشء الجديد من الشباب والشابات ، ولعل أوسع ثغور التقصير وأهم نقاط الضعف التي تؤثر سلباً في تربية الأطفال وتحد من طموحات الشباب ، أن ترى الآباء مشغولون عن أبنائهم لا يجلسون معهم الوقت الكافي للاطلاع على أحوالهم والوقوف على تذليل ما قد يعترضهم من مشاكل اجتماعية أو تعثر في مسيرتهم التعليمية ، وأن يضعف أيضاً التوجيه عن طريق وسائل الإعلام المحلية أمام هذا السيل الجامح من الإعلام الجديد في وسائل التواصل الاجتماعي ، أن تبتعد الأمهات عن واجب احتضان أطفالها والاهتمام بشؤونهم وايداعهم لدى عاملات المنازل يتلقون منهم ثقافة غريبة ومريبة في بعض الأحيان ، أن لا يتوفر في كل حي ملاعب رياضية تساعد الشباب في تفريغ طاقتهم وبناء أجسام سليمة .
أن يشجع الأهل أبناءهم للانخراط في السعودة الوهمية مما يجعلهم يستسهلون العمل ويحصلون على راتب شهري دون سعي أو جهد ، وبالمحصلة ترى المشهد الاجتماعي يزداد تعقيداً فهناك شباب غادروا مقاعد الدراسة وسكنوا الشوارع ، يرفضون العمل الجاد ،يعانون حالة الفراغ والضياع ويميلون إلى حياة اللهو مع رفاق السوء ، ضعفت مقاومتهم ، تجمدت عواطفهم ، أصابهم الاكتئاب فلجأوا إلى من ينقذهم ولم يجدوا من مخلص غير ذاك المحتال الذي لا يخاف الله ليتحولوا في نهاية المطاف إلى لقمة سائغة بين يدي مروجي المخدرات ودرباوية الشوارع والطرقات أو أصحاب الغلو والتطرف وبث الحقد وتكفير الناس .
فتغسل دماغ هذا الضحية وذاك المتهور ، ويزج في مستنقع العمل الاجرامي أو الشبهة الجنائية أو الانتحار والسفر خارج البلاد بقصد الجهاد في أماكن التوتر بالعالم وتنفيذ عملية إرهابية تقتل الأبرياء ويغنم هو بالجنة الموعودة وحور العين – كما أوهم – أو يفجر نفسه بحزام ناسف داخل بيوت الله منفذاً أوامر من ضللوه بقتل كل من يختلف معه بالدين والمذهب. برنامج فطن الذي دشنته وزارة التعليم مؤخراً بمشاركة وزارة الداخلية هو برنامج وطني يؤسس لوقاية الطلاب والطالبات من الانحرافات السلوكية والفكرية وينشئ جيلاً يؤمن بالوسطية وحب التعايش مع الآخر .
أن تكون مواطناً فطناً فهذا منتهى المأمول منك ومبلغ الطموح لمن حولك من الأهل أو الأقارب ، وأنت مضرب المثل في الولاء والانتماء لوطنك الذي أمن لك سبل العيش الكريم والسلامة من كل مكروه. قال الشاعر أبو الطيب المتنبي :
لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ …. لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ.
Twitter:@bahirahalabi
التصنيف:
بالفعل نحتاج لجهود وبرامج قوية لاحتواء الشباب والنشء وتوجيه طاقاتهم وجهودهم والاستفادة منها.. حتى لا يتلقفهم الأعداء ويضيعونهم ويضيع معهم كل معنى جميل للشباب وحب الوطن.. حفظ الله مملكتنا الحبيبة من كل شر وبلاد المسلمين اجمعين..
الاباء مشغولون بطلق الرزق لابنائهم.