قمة ترميم البيت العربي

admin

قمة الكويت تسيّدت كل القمم التي عقدت أخيرا على عجل وفي اضطراب واضطرار ملحوظين، نظرا إلى الظروف القاسية التي مر بها العالم العربي وهزته وزلزلت كيانه باعتداء وانتهاك وعدوان إسرائيلية غير مسبوقة في تاريخ الانتهاكات والاعتداءات على غزة، حيث واجه شعب أعزل قوة وجيشاً فتاكاً وجحافل سحقت الأخضر واليابس وسفكت الدماء أنهارا، فهزت الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ الضمائر وأدمت القلوب في حرب غير متكافئة، فكانت إسرائيل الخاسر الاكبر، إذ جرجرت أذيال عارها الذي ستوصم به أبد الدهر، والتاريخ لا يرحم، هي الحرب والعدوان الجبان في قاموس الحروب على مر التاريخ.
جاءت قمة الكويت التاريخية الاقتصادية التنموية الاجتماعية لتكتب صفحة ناصعة في تاريخ القمم. فقد كانت قمة تم التنظيم والاعداد لها منذ عام ونيف، وكان هدفها اقتصاديا وتنمويا، ثم جاءت الأحداث المؤلمة لتتصدر قائمة الأولويات. ومن قال ان السياسة تنفصل عن الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، إذ هما نسق واحد يؤثر ويتأثر، فلا ينفصل ولا ينشطر بعضه عن بعض. تنسيق وتنظيم وإعداد، وأينما تلتفت في قصر بيان، تنطق كل زاوية بروعة هذا التنظيم حتى وصول القادة.
بدأت القمة بكلمة لصاحب السمو أمير البلاد حملت في مجملها كل المساعي والأهداف السامية في هذه المرحلة العصيبة. أما أبرز من تحدث في القمة فكان فخامة الرئيس حسني مبارك الذي شرح الوضع العربي الراهن المتشرذم المتهالك، ومحاولة المزايدة الرخيصة على دور مصر التاريخي في انطلاق واحتواء القضية الفلسطينية التي كبدت مصر ثلاث حروب متتالية دفعت فيها بجيوشها وأبنائها وأرضها، دور مصر التاريخي الذي لا يغفله ولا يشكك فيه إلا ذوو النفوس المريضة والمنكرون للحق ومحبو طمس الحقائق. إنها محاولات وتشرذمات ومزايدات وأحقاد دفينة على دورها الرائد ما لبثت الاحداث والمواقف المشبوهة أن فضحتها وعرّتها أخيرا.
ثم كانت المبادرة والموقف الشجاع الذي اثار اعجاب العالم العربي، بل حتى العالم المراقب والمتابع لهذه القمة التاريخية، ونعني موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، فتم الاتفاق، وتمت المصالحة، وتم تحديد كلفة المساعدة لغزة وإعمارها.
لقد فضحت هذه القمة وعرّت هشاشة العلاقات العربية ــ العربية التي لم تكن ظاهرة للشارع والمواطن العربي. كنا نسمع طوال الفترة الماضية من خلال الاخبار والزيارات التي تنتهي بتوطيد أواصر التعاون بين البلدين الشقيقين، فإذا بنا وعند اول محك نكتشف ان هذا التوطيد لم يكن إلا انقساما وبعدا وصل إلى حد العداء. فهناك دول للرفض والممانعة. وهناك من يدخل على الخط ليفشل خط الآخر. وهناك عداء دفين لم تمحُه لا التجارب ولا المواقف ولا نوازل الأيام والحروب. نكران وجحود. شق للصفوف وصل أو كاد يصل إلى خطوة اللارجعة لولا قمة الكويت التاريخية.
من أرض الخير وأرض السلام والمحبة، من الكويت التي عقدت على أرضها، ومن قمتها، كانت انطلاقة المصالحة العربية وإعادة ترميم البيت العربي، وإعادة العلاقات العربية ــ العربية إلى مسارها الصحيح. نأمل أن يُحترم العقل والوجدان العربيان، فلا نسمع عن توطيد أواصر العلاقات العربية بين الدول الشقيقة من دون ان تكون الجملة صحيحة في معناها، صادقة في محتواها. وليأخذ الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى إجازة. فهذا الرجل الكبير في مواقفه، المتعالي على الصغائر، يصول ويجول ويبذل جهد المحارب في ساحة المعركة.. ليرتح قليلا في إجازة قصيرة، فيلتقط أنفاسه لمزاولة عمله بروح قوية واعدة برحلة قادمة بعيدا عن عالم الفرقة. وليكن شعار المرحلة القادمة \”علاقاتنا العربية ــ العربية أولا\”، وفي ما بعد ستمضي الأمور إلى ما نصبو إليه ثانيا وثالثا ورابعا.. إلخ.
[ALIGN=LEFT]عن القبس الكويتية[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *