قسمة ضيزى..
مع كل حكم قضائي نعود الى القضيَة الأزليَة للقضاء الشَرعي والتي لم يصدر فيها حكم، ما أدَى الى نشوء معظم القضايا اللاحقة، نعود الى أم القضايا (قضيَة تقنين القضاء). لماذا يعدّ تقنين القضاء القضيَة الأم، وكيف يؤدي عدم تقنين القضاء دور قاطرة تجرّ قضايا أخرى هو محور حديثي في هذا المقال. ماذا أفهم كمواطن من هذه الأحكام الصَادرة مؤخرا من محاكمنا والتاريخ يزخر بمثلها: الحكم على مغتصب ابنته البالغة أربع سنوات والمتسبِب بوفاتها جرَاء التَعذيب بالسِجن ثمان سنوات، الحكم على مغتصب ابنته وفاعل فاحشة اللواط بها لمدَة عشر سنوات بالسِجن ثلاثة عشر عاما، الحكم على شاب تعرَى ورقص في الشَارع بالسِجن عشر سنوات، الحكم على مهرِب مخدَرات بالتَعزير قتلا، الحكم على كاتب مقال بالسِجن ثمان سنوات، الحكم على قانوني يدعو بالسَماح بتأسيس مؤسَسات المجتمع المدني لحماية أفراد المجتمع من التجاوزات غير المرصودة من قبل النِظام بالسِجن خمسة عشر عاما. ببساطة وبالنَظر الى هذه الأحكام المتقاربة لقضايا جدا متفاوتة، سوف أتساءل ماهو الحكم الشَرعي الذي يستند عليه القضاة في أحكامهم حتى أتمكن من فهم ما لن أفهمه بإخضاع هذه الأحكام للعقل والمنطق. ولكن كيف لقضاء يحكم بالشَرع أن يرى برجم المحصن الزَاني طواعية حتى الموت، ثم في نفس الوقت يرى بسجن المحصن المغتصب محارمه إكراها مرارا وتكرارا ثلاثة عشر عاما؟ هل يعقل أن تتجاوز حرمة مذهبات العقل في الشَرع حرمة قتل النَفس؟ وهل يعقل أن تتجاوز حرمة إظهار العورة حرمة الإغتصاب؟ وهل يستوي الذي قتل نفسا بالذي كتب يأسا؟ بل هل يعقل أن يأتي الشَرع بما لا يعقل؟!
كمواطن بسيط سوف أتساءل، هل تؤدي هذه الأحكام الى الرَدع عن قتل الأبناء بل عن اغتصابهم وتعذيبهم قبل قتلهم، خاصَة وإن أخذنا بعين الإعتبار احتماليَة تخفيف الحكم لنصف المدَة بالعفو في حال تمكن المحكوم من حفظ القرآن. كيف لأحكام مبهمة يعجز المجتمع عن توقُعها وتعريفها أن تمنع أفراد ذلك المجتمع من ارتكاب الجريمة. فلا شك بأنه ليمتنع مرضى القلوب عن جريمة الإغتصاب لا بدَ أن يكونوا واثقين بأن عقوبة المغتصب القتل مثلا، وأن ذلك يشمل كل مغتصب مهما كان ومهما صار. ولكي يمتنع الفاسدون عن السَرقات لا بدَ أن يكونوا على ثقة بأن السَارق ستشلّ يده سواء سرق على رجليه أو رجلي الجنِي الذِي تلبَسه.
@tamadoralyami
[email protected]
التصنيف: