من دوائر الإعلام العربي تتوزع رسائل مغموسة في أفكار تحكمها مسافات من التوجهات وعناصر تشبعت بالتجارب المتناقضة التي ترتهن إلى محاور تختلط ما بين الانتماءات الحزبية والحكومية.. والاكتساب من صناعة الكلمة.
حصل ذلك مع التحولات داخل وخارج الوطن العربي. وسباق محموم مع إعلام جديد يختار من الفضاء ما يريد من خطوط العرض والطول.. فضاء مليء بالتلوث الاجتماعي والسياسي يزيد من وتيرة الصراع. وقصص الأرض والناس ليشكل تلاقياً عجيباً مع أدوات الموت على الأرض.. وذلك في اختصار لمسيرة الحياة والأديان والبشر!!
وإذا كانت ديمقراطيات العرب قد استدعت كل هذه العوامل المؤلمة. فان ادواتها قد جعلت الإعلام في ناصية الخطوط الأمامية.. وأخذت مواقعها ليس من أجل الدفاع عن أخطار التحديات. ولكن لفتح أبواب تجاوزت شعار الديمقراطية إلى فرض وتأجيج الصراعات المتعددة في مشهد العبث والولاءات الغبية والحروب البينية في كل تلك الخطابات الحزبية والقبلية. لتكون النتيجة بمثابة هدايا “مغلفة” للآخرين من المتآمرين الذين حظيوا بما كانوا ينتظرون ويريدون. فكان الإعلام العربي أهم مصادر الدعم اللوجستي الذي شكل التهيئة.. وأشعل على الخارطة محطات الوقود. كانت هذه هي أهم القضايا التي اختزلها في ذهني وانا احضر مؤتمر الاتحاد العربي للصحافة الذي تم عقده في مدينة طنجة المغربية في وقت سابق .. ورغم أن جدول الأعمال قد ركز على تطوير مستوى الأداء من خلال تحديث نظام اتحاد الصحافة العربية. إضافة إلى التأهيل المهني وتحسين الموارد المالية. إلا أن الإعلام الالكتروني قد فرض جدلاً واسعاً بيننا. حيث نظرت بعض الوفود العربية انه يجب استيعاب الصحافة الالكترونية وتمثيلها في الاتحاد.
في حين طرحت على الزملاء أعضاء الدول المشاركة في المؤتمر بأن ذلك يجب أن يكون مرهوناً بالتشريع الذي توافق عليه دول المصدر من حيث الاعتراف بتلك الوسائل بكل شرائحها بعيداً عن تلك التي تمارس تسويق الفتنة وتأجيج الصراعات العربية.. وتوظيف التراشق بالفتاوى الدينية والمذهبية.. ولا تراعي الاخلاقيات المهنية خاصة أننا أمام الكثير من التحديات الكبرى.. وكم نحن بحاجة إلى المطالبة بضبط ايقاع العمل الصحفي والإعلامي حفاظاً على أمن ومكتسبات الأمة العربية.
وطالبت بأن يبقى وضع الصحافة الإلكترونية مرتبطا بالتنظيم الداخلي لكل دولة من خلال الاعتراف.. ومن بعد ذلك يمكن أن يكون للاتحاد قبول تمثيلها. وهو ما تفاعل معه الزملاء من اغلبية الدول المشاركة في مؤتمر طنجة. حيث تمت الموافقة بالتصويت على شطب الفقرة الخاصة بالإعلام الالكتروني. والتمثيل فقط بوفد واحد للصحافة ذات العضوية في الاتحاد.
ورغم أن ذلك لم يعجب البعض, حيث قال أحدهم وهو من احدى دول الشرق العربي: “السعودية خربت علينا شغلنا” وعندها رديت عليه بقولي:” إذا كنت ترى أن السعودية تنطلق من الحرص على أمن وسلامة الأمة العربية ومكتسباتها بما في ذلك شرف الكلمة: فأنا سعيد بهذا التخريب!! ونعم نحن مخربون لكل ما يسيء لهذه الأمة”. مؤكداً في الوقت ذاته على أن الصحافة في المملكة تمتلك حرية واسعة في الطرح. لكنها الحرية المنضبطة في أخلاقيات المهنة. وليست “المنفلتة” في ممارسة التحريض والتدمير.
هنا أعود إلى البداية لأقول: إن الاعلام العربي بحاجة إلى ترميم ما أفسده في كثير من مؤسساته. وما سببه من انعكاسات ربيع المقابر في زفة الموت!!.
Twitter:@NasserALShehry
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *