[COLOR=blue]السعد المنهالي[/COLOR]

هل فكرت مرة أننا نحرز تقدما أفضل في كل مرة نفشل فيها؟ بالتأكيد لا يوجد بيننا من لم ير في حياته طفلا يحبو خطواته الأولى حيث تلك السقطات المدوية التي ينفطر فيها قلب أمه، فالسقطة تكون مؤلمة لا تخلو من الإصابات التي تقل كلما زادت محاولات مشيه.. وهكذا. تتكرر هذه الحقيقة آلاف المرات، في كل دقيقة، في كل مكان في العالم، وأمام البشر جميعا مهما اختلفوا في أشكالهم ومكانتهم الاجتماعية والاقتصادية. ورغم ذلك لا يأخذ أغلبنا منها درسا فيه خلاصة هذه التجربة الإنسانية الوليدة وهي (حاول مرة أخرى.. وأفشل مرة ثانية.. ثم افشل على نحو أفضل) هذا ما يقوله صمويل براون.
أما ما قاله توماس أديسون فهو الأكثر إثارة، فقد علّق على اختباراته التي لم تحقق نجاحا بالقول: أنا لم أفشل.. وإنما اكتشفت عشرة آلاف طريقة فاشلة. تظهر هذه الطريقة الإيجابية في رؤية الفشل مقدمة منطقية لإنجازات الرجل الذي ملأ الدنيا بتجاربه واختراعاته. لقد كانت هوايته المفضلة بعد القراءة.. التجريب! لقد استغل ما جناه من مال في اختراعه للمصباح الكهربائي في تمويل تجاربه في أي شيء وكل شيء.. أكاد أراه يحتفي بعد فشل كل تجربة له.. ولعله اقتنع بمقولة: قلد دائما سلوك الفائزين عندما تخسر! لقد امتهن التجربة وبذل ماله ووقته في تكرارها لأنه اقتنع ان النتائج السلبية تفضي في أحيان كثيرة لمحصلات إيجابية!
تشير قراءات ان هناك بعض معاهد إدارة الأعمال تدرس تجارب الفشل. وحسب موضوع بعنوان (الفشل.. هل لنا ان ننجح بدونه؟) نشر في عدد سبتمبر الجاري لمجلة «ناشيونال جيوغرافيك العربية»، يعرض فيه أهمية التجارب الفاشلة للكثير من العلماء والمستكشفين في الوصول الى النجاح المقصود؛ أشار الموضوع الى أن كلمة success تعني نجاح وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية succedere وتعني (ماذا يأتي بعد). ثم يتساءل كاتب الموضوع: «بعد» ماذا؟ ويجيب: بعد الفشل طبعا. فبالرغم من هذا التعارض الشديد بين المرادفين هناك تكامل عضوي وحقيقي بينهما. كما أن هناك علاقة طردية بين الحالتين، فكلما كان الفشل أكثر إيلاما وقسوة، كلما كانت النتيجة دافعة أكثر لشحذ قوانا وقدراتنا لاستخدامها في المحاولة المقبلة على نحو أفضل.?
صنف أبناء ‹›آدم›› و››حواء›› أنفسهم إلى ملائكة وشياطين، ناجحون وفاشلون، ونسوا تماما أنهم بشر في مرتبة بين بين، وأن من صفاتهم الحقيقية الخطأ والصفح، والذنب والتوبة، السقوط ومحاولة النهوض من جديد?.? هكذا أرادنا الله، بشر تحرق الأرض لتصبح خصبة صالحة للحلم والحياة، فلو أراد لنا أن نكون بلا أخطاء وفشل وزلات لترك أبانا ‹›آدم›› في السماء مع الملائكة؛ إنها الأخطاء.. تلك النعم?..? التي أرادها الله لنا على الأرض، وحرم منها ملائكته في السماء.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *