ضجيج ولكن !
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ليلى عناني[/COLOR][/ALIGN]
كان المكان يعج بضجيج وأصوات كثيرة مختلطة ما بين ضحكات أطفال وصرخات آخرين أحاديث نساء تختلط حروف كلماتهن وتتداخل حتى بالكاد تُفسر الكلمات..
كانت تجلس وحيدة تتأمل هذا العدد الكبير من النساء والأطفال والخادمات المصاحبات لغالبية الأسر، لم تكن تدرك صعوبة أن تجد مكاناً تستجمع فيها شتات أفكارها المتزاحمة في رأسها، تريد تفسيرات كثيرة لما يحدث في حياتها، كل ما تحتاجه هو أن تكون وحيدة بين أناس لا تعرفهم و لا يعرفونها، تريد أن ترى الجميع ولا تكلم أحداً ولا يكلمها أحد! فلا تضطر للإجابة عن استفسارات أو تبادل مجاملات، لا تريد إدارة أي حديث تكون هي بادئته أو المشاركة في حديث تكون طرفاً فيه، تريد صمتاً بين ناس لا يكادون يرونها، ما تنشده هو أن يأخذها تفكيرها بعيداً عن كل الذكريات والأحداث المؤلمة التي تحاصرها .
أخذت تنظر حولها تبحث في الوجوه علها تنشغل عن حالها بحالهم، رأت امرأة مسنة في كرسي متحرك وجهها خال من أي تعبير، نظرت إلى من يدفعها، أصيبت بخيبة أمل حين رأت أن التي تدفعها فتاة آسيوية، فقد توقعت أن ترى شخصاً تشبه ملامحه ملامح هذه المرأة! فكرت \”هذه هي النهاية إذن! سهر و تعب و مشقة و من ثم ماذا؟ لا شيء! رحمتك يا الله\”
رأت مطعما مكتظاً عن آخره، يتدافع الناس إليه وهم في عجلة من أمرهم و كأن هناك من يطاردهم، تعجبت، لماذا الناس دائما في عجلة؟ كاد الصبر أن ينقرض!
جلست في ركن منزوٍ تحتسي فنجان القهوة الذي طلبته وهي تحاول إيجاد بعض الهدوء الداخلي و لو لفترة بسيطة، فقد اكتفت وفاض عقلها وقلبها بالألم تمنت أن تستطيع ولو للحظات نسيان كل شيء والهروب مع نفسها لمكان لا وجود للمنغصات فيه، تذكرت أنها منذ زمن لم تعد علاقتها مع نفسها كما كانت.. أصبحت غريبة عن نفسها و كادت أن تضيع منها، لم تعد تعرف ما الذي يفرحها أو يحزنها، آراءها السابقة ومواقفها من أمور وقضايا مختلفة أصبحت كلها تقريباً متشابهة، لم تعد تتفاعل كما كانت دوماً، أين ذهبت نفسها؟ كانت تعرفها حق المعرفة أما الآن..
أحست أنها لا تحب أن تكون هذه المرأة التي تكاد تعرفها! وفي لحظة قررت استعادة نفسها و مع آخر رشفة للقهوة قامت رافعة رأسها بكل ثقة متحدية جميع آلامها ومتاعبها وقد استعادت نفسها من جديد.
[email protected]
التصنيف: