د.علي محسن السقاف

تحولت كثير من شوارع جدة بعد التفريعات والتحويلات المعمولة لأشغال الكباري والانفاق تحولت إلى ممرات ضيقة لسير السيارات ألا أن مايثير الدهشة والاستغراب هو استيعاب هذه الممرات الضيقة لثلاثة أو أربعة صفوف من السيارات تسير كلها بتؤدة وأمان وانتظام.
ولكن قد تتلامس بعض السيارات أحياناً ويتم التسامح بسرعة وتواصل السيارات طريقها ولكن قد يتأخر هذا التسامح أو يمتنع فيتوقف المتصادمان وسط الطريق رغم ضيقه وتتوقف خلفهما بقية السيارات ولفترة طويلة في انتظار المرور أو مندوب شركة نجم ووصولهما إلى قلب الزحمة صعب إن لم يكن مستحيلاً ورغم ذلك يخرج السائقان للشارع ويقوم كل منهما باتصالات الجوال وهو في منتهى الهدوء والطمانينة غير آبه بما يحدث حوله حتى ولو تصادمت السيارات كلها وهي تحاول الخروج من وسط الزحمة وكأنما اكتسب الخصمان بتصادمهما الحق بإيقاف المرور وإرباك الطريق.
وقد أصبح الموضوع خارج دائرة المقبول بعد أن كثرت الصدمات الخفيفة وكثر تعرقل حركة المرور بسببها ولا أبالغ إذا قلت إنني أشاهد تقريباً في طريقي كل أسبوع صدمة أو صدمتين من هذا النوع لأن طريقي كما يبدو شديد الجاذبية للصدمات.
والحل في نظري أن يقوم السائقان المتصادمان بتصوير الحادث كل بكاميرا جواله ومن جميع الزوايا ثم يتحرك الخصمان مباشرة إلى المرور لعرض الصور وبسط المسألة لتحديد نسبة الخطأ وتقدير مبلغ التعويض وعلى إدارة المرور قبول هذا النوع الجديد من الترافع كما أن عليها أن تفرض غرامة ألف ريال على أي شخص يوقف سيارته وسط الطريق ويعطل المرور وليس بسيارته عطل شديد يمنعها من التحرك وبفعل هذه الغرامة سيتصالح الخصمان بسرعة ولن تتوقف حركة المرور ولن تتصادم السيارات بسبب الزحمة كما هو حاصل الآن.
وقد اكتشفت من كثرة مشاهدتي لهذه الصدمات صحة المثل القائل ( الطيور على أشباهها تقع) ولكن بصياغة جديدة وهي السيارات مع أشباهها تتصادم لأنني وجدت أن الاتوبيس يصدم أتوبيساً والليموزين يصدم ليموزيناً والخصوصي يصدم خصوصي بل حتى السائقون تجدهم يتشابهون في اختياراتهم فالشامي يصدم شامياً والهندي يصدم هندياً وهكذا ولا أدري السر لهذا التشابه ولعله مغنطيس روحاني غير مرئي يجمع السيارات المتشابهة والسائقين المتجانسين في صدمات مشتركة.
هذا وإذا أردنا تخفيف الازدحام عند االاشارات الضوئية وانسيابية عظيمة للمرور فعلينا استبدال الكثير من الاشارات الاوتوماتيكية بالاشارات اليدوية وتوظيف الشباب السعودي لتشغيلها وادارتها وسنستفيد بهذا التصرف عدة فوائد منها تخفيف الازدحام عند الاشارات ومنها تشغيل المئآت من الشباب السعودي الطموح ومنها توفير الوقود للسيارات ومنها حفظ الوقت و الصحة وراحة القلب والاعصاب وإذا ناقشني أحد في هذا الرأي فسأقول له إن التجربة أكبر برهان وقد قال أحد السائقين كل زحمة ليس فيها صدمة أو إشارة مرور فهي زحمة مقدور عليها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *