شهر رمضان … فضائل عظيمة ومزايا كبيرة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]الدكتور حنا عيسى[/COLOR][/ALIGN]
شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الهجري يأتي بعد شهر شعبان، ويعتبر هذا الشهر مميزا عند المسلمين عن باقي شهور السنة الهجرية، فهو شهر الصوم، يمتنع في أيامه المسلمون عن الشراب والطعام والجماع من الفجر وحتى غروب الشمس، كما أن لشهر رمضان مكانة خاصة في تراث وتاريخ المسلمين؛ لأنهم يؤمنون أن بدأ الوحي وأول ما نزل من القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان في ليلة القدر من هذا الشهر في عام 610 م، حيث كان رسول الله في غار حراء عندما جاء إليه الملك جبريل، وقال له \”اقرأ باسم ربك الذي خلق\” ،وكانت هذه هي الآية الأولى التي نزلت من القرآن، والقرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا في رمضان، ثم كان جبريل ينزل به مجزئا في الأوامر والنواهي والأسباب، وذلك في ثلاث وعشرين سنة. ودخول هذا الشهر الكريم لا يثبت إلا بأحد أمرين:
الأول: رؤية هلال رمضان. فيثبت الشهر بذلك بإجماع المسلمين؛ لقول الله تعالى: ? فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ? (سورة البقرة 185 )، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) متفق عليه. ويكفي في ثبوت الرؤية إخبار عدل واحد من المسلمين برؤيته له، على الصحيح، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه).
الثاني: إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، فإنه إذا لم ير الهلال أكملت عدة شعبان ثلاثين يوما، سواء كان الجو صحواً أو غائماً أو قتراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) متفق عليه.
ومن حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زماناً ومكاناً، ففضل بعض الأمكنة على بعض، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، مختصا هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، قال تعالى \”شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان} (البقرة:185)، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \”أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان) (رواه أحمد). وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، فقال سبحانه: \”يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون\” \”البقرة:183\”.
وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \”الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر\” رواه مسلم، وفي \”الصحيح\” أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \”من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه\”، وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم \”وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة) \”رواه الترمذي). وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين).
وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: \”إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حسا\” (الزمر:10).
وهو شهر فيه ليلة القدر، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل ألف شهر، والمحروم من حرم خيرها، قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر) (القدر:3).
وصلاة التراويح هي صلاة نافلة يصليها المسلمون السنة في رمضان، وقتها بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، صفتها مثنى مثنى ثم يوتر بواحدة أي ركعتين ركعتين ثم يصلي ركعة واحدة يدعو فيها بما شاء من خيري الدنيا والاخرة، لم يصلها الرسول (جماعة) إلا ثلاثة ليال حتى لا تفرض على المسلمين إلا أنه كان يصليها طول حياته ولم يكن يدع قيام الليل لا سفراً ولا حضراً.
التصنيف: