سي السيد .. عمره 9 سنوات
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد الفايدي[/COLOR][/ALIGN]
في يوم قريب جدا – صباح الجمعة الماضية – صحوت من نومي على جلبة عالية خارج غرفة النوم واذا بأصغر ابنائي خالد 9 سنوات يتشاجر مع شقيقته \”بيان\” الاكبر منه سنا على لعبة صغيرة مصرا هذا الخالد على ان ينتزع اللعبة منها او اذا لم يتمكن سيوجه لها صفعة على وجهها حتى تخضع له وتكون مؤدبة خاصة انني سمعته يهددها قائلا: إنه رجل البيت وعليها أن تحترم نفسها باعتبار انها مهما طلعت او نزلت فهي حتة امرأة خاضعة لولي أمرها الرجل .. كلام كبير .!
حينها قفزت من سرير نومي مسرعا رغبة في فض هذا الاشكال او المشاجرة التي طال امدها هذه المرة وشعرت من خلالها ان المفعوص \”خالد\” بدأ يتمرد على الاسرة كلها داخل البيت ويصدر اوامر ما أنزل الله بها من سلطان.
عندما سألته أولا عن سبب هذه المشاجرة قال إن بيان تعودت ان تستفزه وتحرض عليه امه كلما اراد ان يخرج للشارع للعب مع اقرانه.
قلت له: ومنذ متى اصبحت انت \”رجل البيت\”؟!
قال بدون تردد: عندما تكون انت غير موجود أو نائما فلابد أن أكون أنا نائبك في اصدار الاوامر!!
وكدت أن اصفعه لو لم أكن متأكدا ان ما يقوله قد استقاه إما من امه أو من أولاد الحارة أو من المدرسة التي يدرس بها.
ولم يطل بي التخيل طويلا واذا به يقول إن المدرس في مدرسته قد شرح له ذات مرة في حصة احدى الدروس \”ثالثة ابتدائي\” ان المرأة كلها عورة حتى وجهها وكفاها الرجل لابد أن يكون المتحكم في ادارة شؤون البيت الخارجية والداخلية باعتباره ولي الامر الذي يصدر كل الاوامر بدون مناقشة أو اعتراض.
في اليوم التالي كنت في المدرسة وفي مواجهة الاستاذ الذي استغرب مجيئي واستفساري عن مسألة كما قال: بسيطة ولا تحتاج كل هذا الاهتمام.
قلت يا استاذ ولكنك زرعت في ذهن الصغير من الآن بعض المواقف والعادات السيئة التي بدأ الصغير يمارسها بالفعل في المنزل وكأنه \”سي السيد\”.!
ولم استطع اقناع الاستاذ بأن التوجيه والنصح السليم يحتاج الى تقريب المسافة بين الرجل والمرأة بعد أن اصبحنا في عالم آخر غير عالم الجدات والامهات ومها حاولت بعد ذلك مع الولد الى ضرورة ان يحترم اخته بل عليه ان يسمع كلامها باعتبارها اكبر منه لكنه مصر على موقفه وهو يقول ان استاذه لم يلقِ عليه تلك المعلومة من فراغ.
ربنا يستر..!!
خالد الآن في التاسعة فكيف عندما يكبر قليلاً خاصة انه من الآن يسأل عن مفاتيح السيارة ويخرج الى الشارع ولا نعيده الا بكل كلفة ويريد جوالا. كل هذا قد يكون مقدورا عليه لكن الذي اخشى منه يعلم الله ان يجد استاذا آخر يزرع في عقله الصغير الذي بدأ يتشكل ان كل شيء حرام بدءا من المرأة الى الغناء والى السينما الى كل انواع اللهو البريء وقد بدأ يسألني عن افلام الكارتون هل هي حرام ام حلال .. الله يستر من جيل بدأ يدعي أن كل شيء حرام بما في ذلك قبلة الام لابنها في الطريق العام.
وهنا تذكرت صديقي الشاعر عبد المحسن حليت عندما كتب مقدمة على لساني في كتابي \”كلام لا يهم أحدا\” عندما صدر قلت فيها لخالد وهو يحبو في سنواته الاولى عليك أن تنظر للحياة من منظار واسع ولا تضيق واسعا لكن يبدو أن خالد في التاسعة بدأ يستجيب لما هو عكس ما يريده والده ووالدته وبدأ يمارس رعونة سي السيد وديكتاتوريته وسيكون يوماً بكل تأكيد احد المتمشلحين \”التي كان يخشى منها والده\”.
التصنيف: