لم تكن المرة الأولى التي تطالبني فيها بأن أكون أكثر حرصاً في السؤال عن أحوالها من حين لآخر، وفي كل مرة كنت أتحجج بكثرة انشغالي، وبعدم وجود وقت لدي، وكنت أشير لها بأنني أذكرها في دعائي وعند سجودي، وأعاتبها قائلة (ألا يكفيك..؟).

كانت تلتزم الصمت، إلا أن عينيها تخبرني بالنفي، لا أنكر.. فأنا على علم بتقصيري، ولأن الله رزقني القدرة على خلق الكلام استطعت أن أفر من حصارها في كل مرة، إلا في ذلك اليوم.. كانت على غير عادتها، لم تباغتني بالعتاب، وبقيت على هدوئها تستقبل من الجميع حولنا عباراتهم وحديثهم بابتسامة جوفاء، وتشارك الجميع في الحديث وأنا معهم، وعندما نظرت نحوها وَجَدتْ علامات استفهام تتراقص حولي، لم أكن أعلم هل اعتدت على استجوابها لي فاستنكرت ذلك السكون.. أم هل أصبحت شخصاً يحب أن يصنع هالة من الاهتمام دون النظر إلى ما يهتمون به من حوله..؟ لم استطع البقاء على ذلك الحال وسألتها حين سنحت لي الظروف فأجابت:

• أنا في أحسن حال..
• الحمد لله.. ولكن لم تعاتبيني كما تفعلين دائماً..؟

• (ابتسمت في وجهي ابتسامة إشفاق) بقيت أحتاجك مدة وعندما لم يسعني وقتك أشفقت عليك فلم يكن لديك متسع تعيشين به مع من يحبونك
• ولكن بالفعل أنا مشغولة
• (أجابت في سخرية) نعم نعم أدرك ذلك ولا ألومك لديك الكثير المهم فلا ضرر من ترك الأهم، حتى أنك لم يبقى لديك وقت تقضينه مع نفسك
• (ابتسمت في قناعة)وما حاجتي لقضاء وقت مع نفسي؟ أنا سعيدة بها وهي تتركني بسلام..

• أحسنت صنعاً
• من هي..؟
• نفسك..

• لماذا..؟
• لأنها فارقتك وآثرت الفناء.. رويدك قليلاً فلم يبقى الكثير حتى نقول لك قلبك يقرئك السلام.
لم استطع البقاء معها في نفس المكان ففضلت الانسحاب، وغادرت مقعدي القابع أمام طاولة الزينة داخل حجرتي

للتواصل على تويتر وفيس بوكeman yahya bajunaid

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *