رميكي ماوس .. وكهرباء جدة
بخيت بن طالع الزهراني
** مساء يوم السبت الماضي سجلت شركة كهرباء جدة فاصلاً كوميديّاً مع مجموعة من العمارات السكنية في حي المساعد بقويزة شرقي المدينة، فقد انطفأت الانوار عند العاشرة تقريباً، ثم عادت لتضاء الثانية عشرة منتصف الليل، وعندما همّ الناس بالإيواء الى فرشهم استعدادا للوظائف والمدارس صباح اليوم التالي عادة وانطفأت من جديد، ثم بعد ثلث ساعة عادت واضاءت .. أنا شخصيا كنت مستعدا لهذا الفاصل المثير فاستعددت مبكراً بأربعة كراتين من الشموع، وزعتها على درج العمارة وداخل الشقة وبعض نواحي السطح، وبين كل \”غمزة غزل ثقيل\” من \”حبيبتا\” كهرباء جدة كنت اتراكض أنا والابناء لإبقاء الشموع مرة، لإطفائها مرة أخرى!!
** المشهد دون شك مخجل للغاية، ليس لأن عدد العمارات التي توقفت فيها الكهرباء قليل مقارنة مع ضخامة عدد عمارات جدة، ولا لأنه مفاجأة تحدث لأول مرة \”حاشا لله\” أن تفعلها شركة الكهرباء، ولكن لأمور أخرى دعوني اشرحها هنا، فلعل أحدا من أركان القائمين على شؤون الكهرباء يقرؤها ويعرف ماذا اقصد بالضبط.
** أتذكر قبل عشر سنوات أن الشركة العتيدة قد خدت الاخاديد في ذلك الحي وما حوله من أحياء، وظل الناس لأكثر من شهر ونصف يتلقفون اولادهم وحاجياتهم من سياراتهم الواقفة في الضفة الاخرى من الشارع، وعندما سألنا موظفي الشركة قالوا إن هذا مشروع كبير، اسمه \”الضغط العالي\” يجري تمديده ودفنه تحت الارض، وعلق أحدهم علي سؤالي وهو يبتسم: \”حتى لا تنطفئ الكهرباء عندكم بعد هذا المشروع الضخم، وحتى لا تتكرر متاعبكم\” وتمت اقامة أعمدة صغيرة متباعدة على مسار المشروع عليها اشرطة صفراء كعلامة على خطوط المشروع تحت الارض.. ولكن ماذا حدث بعد ذلك، وكم مرة انطفأت فيها الكهرباء بعد انجاز ذلك الذي قالوا إنه \”مشروع ضخم\” أترك الاجابة للشركة نفسها، فإن صدقت فهي بالعشرات\”!!\”.
** وبعد سيول جدة الهائلة، والتي اقتلعت العديد من \”غرف\” الكهرباء، وتقاذفت مثل قطع بلاستيك خفيفة، جاءت الشركة، واقامت أكثر من \”غرفة\” أو محطة جديدة، حتى قال القائل إن هذه لن \”تخر منها الموية\” ليكون بعد ذلك هذا الفاصل الكوميدي من الانقطاع الذي اشرت له في مطلع هذا المقال.
** السؤال الذي يردده الانسان البسيط، الذي لا يعرف حتى الف باء هندسة الكهرباء.. هل ما تفعله شركة كهرباء جدة، هو عمل مؤسسي حقيقي على الأرض، يحمل كل صفات الجودة والإتقان والدقة والدراسة العلمية، أم أنه شيء آخر بخلاف كل ما تقدم، بحيث إنه في وادٍ والعمل الحقيقي في واد آخر.
ثم انظر إذا شئت إلى حجم تجاوب رقم الطوارئ 933 معك عندما تتصل عليه، متى يرد عليك أولاً، ثم متى تحضر \”الغرفة\” لإصلاح العطب، ثم انظر إلى الاثر النفسي للناس الذي تنقطع فوق رؤوسهم الكهرباء فجأة وبينهم من لديه ضيوف، أو ساعات الذهاب للنوم، أو على مائدة الاكل، أو أسرة من الاطفال فقط ابواهم خارج البيت، ثم انظر إلى من يتأخر عن سداد الفاتورة يوماً واحداً كيف تتعامل معه الشركة \”إنسانيّاً\” .. ثم بعد ذلك يتباهى بعضنا بأنه يؤدي عملاً حقيقيّاً؟!!
التصنيف: