محمد أحمد عسيري

في حوار لم يخلو من القفشات الساخرة دار بيني وبين أحد الأصدقاء نقاش حول معرض الرياض للكتاب وما واكبه من فعاليات مصاحبة على الهامش . من أبرز تلك الفعاليات التي شدت الحضور لعدة أيام متتالية سباق استعراض العضلات وفرض الرأي الذي يشهده المعرض كل عام وبشكل مستمر من قبل ذوي الآراء الخاصة . فبشاهدة النقاد أن معرض الرياض للكتاب هو المعرض الوحيد الذي تقام فيه مثل هذه السباقات لتعريف الحضور كيف يكون الجسم السليم لدى المتسابقين وإن كنتُ أشك في سلامة العقل !
سألني صديقي إن كان ما حدث أمر منظم يهدف لفرض هيمنة فئة من البشر ترى أنهم هم على حق والبقية مجرد أشياء يجب أن تُنتزع أفكارهم وحرياتهم ؟ فقلت له ولم لا .. كل شيء جائز عندما يبدأ الإنسان بفقد السيطرة على فطرته العقلية السليمة ويترك الحوار لعضلاته وما يمليه عليه اجتهاده .
الطريقة التي اتخذها هؤلاء القلة في النصح كما يقولون كانت مثار استغراب وتساؤلات .. ماذا لو كانت السلطة بأيديهم ….؟ أترك الإجابة لكم بدون تحفظ . هذا الحراك الثقافي والمعرفي الذي يشهده المعرض لا يحتاج لسُلطة فكرية إقصائية تحاول تجريد الآخرين من حرياتهم المشروعة في مد أيديهم للرف الذي يعتقدون أنه الأنسب وقراءة ما به من عناوين . الخوف من الفكر المهاجر إلينا يجب أن ينتهي باقتحام هذه العوالم المجهولة بالنسبة لنا عن طريق وسائل التواصل الفكري بكافة أشكالها . يبدو أننا ما زلنا نعاني من تردي ثقافة الحوار مع الآخر وكيفية احتواءه والأخذ بيده للجانب المقابل من شاطئ الأمان .
خرجنا لهذه الحياة وفي داخلنا الكثير من التساؤلات والتناقضات ، أسئلة نبحث لها عن إجابات ، وتناقضات نحاول التمسك بالصالح منها .. كل هذه الومضات تحتاج للعبور عبر الأخر ، عبر الفكر التنويري لا الفكر المتقوقع المنطوي داخل الماضي . أنا وصديقي المسلم لنا عقلان من خلالهما نستطيع الفصل بين ما يجب أن يكون وما لا يجب ..
الشدة والعنف لا تجدي في نفعا أمام التغير الحاصل في العقول وطريقة التفكير .. يجب أن تحاورني كإنسان قبل كل شيء وتحترم حريتي المشروعة وما يجب أكثر أن تعاملني بما أمرك به الإسلام لا كما تعلمت عبر أسلمة الأهواء والشخصنة والتدافع والتهديد بكسر الأيدي .
صديقي المسلم قبل أن ينصرف سألني عن كيفية كسب أفئدة مثل هؤلاء القلة حتى لو فكر وذهب لمعرض الكتاب لا يتعرض للدهس ؟ قلت له يا صديقي الأمر صعب ولكن جرب ( تقصر وتطول ) وربنا معك .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *