د. تهاني سعيد الحضرمي
قرأت كما قرأ الجميع الخبر الذي تناقلته بعض المواقع الإلكترونية عبر وكالة أخبار المجتمع أترك المساحة التالية لبعض أسطر ذلك الخبر(بتهمة \”التبرج والسفور\” احتجز مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزيزية بمكة المكرمة مديرة محل لبيع المستلزمات النسائية، وجرى اصطحابها إلى المركز حيث مكثت فيه قرابة الساعتين، وتم التحقيق معها حول ما وصف بأنه \”تجاوزات شرعية\” في المحل، قبل أن يُطلب منها التوقيع على تعهد ومن ثم مغادرة المركز)!!
دائماً تأتينا مثل هذه الأخبار وكأنها تُجسد ضمن أبعادها حلقات مفقودة !! تجعل القارئ يغوص في دوامة الحيرة ومتاهة الوصول إلى الحقائق ، بل وتخلق أجواءً مشحونة بالتوتر لعدم معرفة حيثيات الموضوع الصحيحة!!
جميعنا يعرف بأن الفضائل ثمينة والأثمن منها تبني المرء مكارم الأخلاق وأنبلها وحيث أن منع الفتنة أمر غاية في الأهمية يظل التستر والاحتشام أمر حتمي للمرأة التي تحافظ على دينها وحيائها وعفت نفسها، ولكن ليس بالضرورة أن تكون إساءة ارتدائها للحجاب تعني التبرج والوقوع في دائرة المحرمات!!
فقد جاء في لسان العرب أن (التَّبَرُّج : إِظهار المرأَة زينتَها ومحاسنَها للرجال وإِذا أَبدت المرأَة محاسن جيدها ووجهها قيل : تَبَرَّجَتْ.انتهى
وقال أَبو إِسحاق في قوله عز وجل : { غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بزينة } التَّبرُّجُ : إِظهار الزينة للناس الأجانب .
دعونا من هذا وذلك!! ولنحاول الربط بين تفاصيل الحدث فإذا كان هناك خلط بين التبرج والسفور فإن التبرج غير السفور والفرق بينهما واضح فالسفور كشف الوجه بدون زينة , والتبرج كشفه وغيره من مفاتن المرأة مع التزين!! هذا ما نعرفه نحن وإذا كان هناك مفهوم آخر لدى من يُثبت بأن عدم ارتداء الحجاب بالطريقة المطلوبة وفق ضوابط معينة يُعد تهمة يُحاسب عليها القانون!!
وبما أن المحل خاص ببيع المستلزمات النسائية كيف تمَّكن الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر من إنجاز المهمة بنجاح واستطاعوا الدخول إلى المحل واصطحاب مديرته إلى المركز!! أم أن ضبط الواقعة كان خارج أسوار المحل ؟؟ وإذا كان الأمر كذلك ؟؟ كيف تم الوصف بأن هناك تجاوزات شرعية في المحل ؟؟
صحيح نحن لا نعلم ملابسات الحادثة وتفاصيل القضية ولسنا بصدد الدفاع أوالهجوم!! إن ما نتمناه هو إحقاق الحق وإبطال الباطل بعدم إخفاء الحقيقة ونشرها كاملة حيث المصداقية قبل كل شيء!!
فالأخبار المغلوطة والتصريحات نصف المُعتمة تجعل من التجاوزات أمور طبيعية وتعمل على تشويه الصورة المراد إيضاحها أوحتى تسويتها!!
إننا وللأسف الشديد عندما نقرأ مثل هذه الأخبار فإنها تعيد للأذهان حوادث عدة حيث باتت التُهم نسبية فالأهداف الدينية لا غبار عليها بل واجبة لكن القناعات الشخصية تختلف من شخص لآخر!!
أتساءل وأنا أسطر كلمات هذا المقال وأعينكم تُبحر بين أمواجه. من منكم لم يذكر حادثة محاكمة امرأة في بلد شقيق منذ حوالي العام تقريباً حين ألقت القبض عليها الشرطة في أحد المطاعم وتم تقديمها للمحاكمة بتهمة ارتداء زى فاضح حيث كانت ترتدي بنطال لحظة القبض عليها؟!
*قطر:
صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ… فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ)
(أحمد شوقي)

العنوان البريدي: مكة المكرمة
ص. ب : 30274
الرمز البريدي : 21955
البريد الإلكتروني :[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *