لعل إحدى المشكلات في بعض الإدارات الحكومية هي عدم معرفة مديريها بقدرات العاملين معهم بشكل جيد ، فهم لا يميزون بين من يعمل بصمت وحكمة وبين مهرج لا يجيد سوى الحكي ، بين من ينجز أعماله بإبداع وبين دعي ينسب أي نجاح لنفسه دون أن يكون له أدنى علاقة بذلك ،

بين مجتهد يتحرك بديناميكية وبين مهمل لا تخلو جميع أعماله من السلبية ، بين من يحقق النجاح تلو النجاح وبين من يخفق في كل خطوة لعدم المعرفة ونقص الاهتمام ، بين من يحرص على العمل ويسعى جاهدا لخدمة المصلحة العامة وبين من لا يهتم بالعمل ولا يكترث بشيء اسمه المصلحة العامة .

والمشكلة الأكبر أن يكون ذلك المهمل والمتسيب والمتلاعب هو الذي يحظى بالتقدير والاحترام من مديره ! فينال الترقيات ويحصل على الترشيحات والعلاوات ويتقدم على الناجحين في أعمالهم المخلصين في أدائهم المبدعين في منجزاتهم ، الذين يظلون في ركن قصي .. لأنهم لا يجيدون فن التمثيل ولا يعرفون طرق النفاق ويتبرأون من الغيبة والنميمة ويربأون بأنفسهم أن يكونوا ناقلين للأسرار ،

وكم وصل من أمثال أولئك المفلسين الذين كانوا سببا في تكلس العمل الإداري وتراجع مستوى الإدارات التي يعملون بها ، وانعكاس ذلك على المجتمع .

وما كانت لتحدث مثل تلك الشروخات الخطيرة لو كانت هناك معيارية دقيقة لتقييم أداء العاملين وتمييز النابهين من الخاملين .

والمعروف أن عددا من الناجحين في كثير من مواقع العمل يتعرضون لأذى الحساد الفاشلين ، الذين يدفعهم الحقد والحسد دائما لمحاربة غيرهم من المتميزين دون غيرهم ، فينحصر همهم على إحباط هممهم كونهم يمثلون مصدر قلق بالنسبة لهم ، فبقاؤهم وتفوقهم يشكل إزعاجا لهم خشية من تعريتهم على حقيقتهم وبيان رداءة مستواهم ، لذلك يخططون بخبث ومكر لهدم صروح نجاح الغير ليرتقوا على أنقاضها ، لأنهم وجدوا بيئة مناسبة من خلال

مديريهم السلبيين الذين يجدون لذة في الاستماع لما ينقل عن الموظفين صدقا أو كذبا ، ويطربون للمديح الزائف ، ويفضلون من يتردد عليهم بلا هدف سوى الثرثرة ونقل الأسرار .

والمشكلة الأدهى لو وصل أحدهم لمركز القيادة في إدارته ، فهنا يتولى محاربة كل الناجحين بكل ما أوتي من قوة خوفا على موقعه من وصول أحدهم إليه ، لقناعته الداخلية بعدم أحقيته ، فتكون الكارثة تدهور العمل وإخفاق تلك الإدارة .
ومع هذا فإن التشخيص يكون واضحا والعلاج من مراجعهم لا بد وأن يكون سريعا لإنقاذ تلك الإدارات من أولئك المزيفين أولا وأخيرا .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *