[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

جاءني رسالة إلكترونية عنوانها: هل الرقي ببلادنا صعب لهذه الدرجة؟. كانت لغتها تدل على أنها مقالة، لكن للأسف لم يُذكر اسمها كاتبها. وهذه من مساوئ ما يتناقله الناس عن طريق الإنترنت.
فسألت الشيخ جوجل عمن كتب المقالة. فوجدتها منتشرة في المنتديات دون عزو إلى كاتبها، إلى أن وصلت إلى كاتبها الذي نشرها في مدونته الخاصة، فراسلته واستأذنته بنشر مقتطفات منها. وهو شاب مغربي اسمه محمد أعمروشا.
يقول: \”ذات يوم، وأنا أتجول بالدراجة الهوائية، صادفت أنبوب ماء شرب قد انفجر، الماء العذب الصافي ينسكب على الطريق ولا أحد يستطيع إيقافه\”.
فأكمل سيره إلى أن وصل إلى مكتب شركة الماء وأخبرهم وانصرف. ثم إنه لما عاد وجد مجموعة عمال يقومون بإصلاح الخلل، وكان معهم الشخص الذي استلم البلاغ، فتحدث معه وفهم منه أنه الوحيد الذي بلّغ عن تسرب الماء.
يقول: \”كم شخصا مر قبلي ولم يبلغ عن التسرب؟ كم شخصا يقيم بالحي ورأى التسرب من بدايته، ولم يبلغ الشركة؟ كم شخصا تأذى من الأرض المبتلة فبدأ يلعن شركة الماء ويرميها بالإهمال؟ كم شخصا يقول إننا متخلفون لكنه لا يحرك ساكنا؟ كم شخصا ثرثر كثيرا عن المياه تلك لكنه لم يقم بأي رد فعل؟\”
ويتابع: \”يومها، أحسست أن التغيير للأفضل ليس صعبا للغاية! معظمنا لا يقوم بأي جهود تذكر للرقي ببلده، ومعظمنا يشتكي من بلادنا المتخلفة! كم نحن متناقضون\”، \”هل ننتظر من شركة المياه أن تكلف نائبا لها في كل حي ليبلغها عن أي تسرب أو خلل؟ لن يحدث ذلك أبدا\”.
ويتابع: \”الحكاية لا تنحصر في مجال شركة الماء فحسب، بل تتعداها لسائر تفاصيل الحياة. يحترق مصباح عمود إنارة عمومي، جميع الجيران متضررون، يشتكون من الظلمة الحالكة، يسبون المسؤولين ولا يفتؤون ينتقدون إهمالهم… شهور ثم قرر أحدهم التبليغ عن المصباح، وبعد يومين عادت الإنارة\”، \”تحمّل برنامجا من الإنترنت فتجده لا يدعم العربية\” فنستنتج أن \”الشركة معادية للإسلام والعروبة\”، \”هل أرسل أحد المستنكرين رسالة للشركة يطلب منها دعم العربية في إصداراتها المستقبلية؟\”، \”هل حاولنا يوما المساهمة في تعريب برمجية حرة ومفتوحة المصدر تجدها مترجمة لعشرات اللغات إلا العربية؟\”.
لكنه يقر: \”طبعا الأمر ليس بهذه السهولة، ليس بهذه المثالية، لو طلبنا من السلطة المحلية رصف شوارع الحي فلن نتلق شيئا مثل: سمعا وطاعة! رغباتكم أوامر\”، إنما \”ماذا لو قدمنا شكايات أنا وأنت وهو وهي وسائر سكان الحي؟\”، \”منطقيا، يستحيل فشل كل المحاولات\”.
ويختم: \”أحيانا، يكثر أحدهم سرد عيوب البلد! الجميع متخلف والبلاد كلها تحت الصفر، لا أحد يستحق الحياة، وهو الوحيد صاحب الحلول الناجعة الكفيلة بالقضاء على كل مظاهر التخلف. تستوقفه وتسأله: لو حصل مكروه لأحدهم، ما هو رقم الطوارئ للاتصال بالإسعاف؟ يجيب: لا أعرف.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *