[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد طالع[/COLOR][/ALIGN]

ما بعد الربيع العربي, أضحى مهماً أن تحدث قراءات ومحاولات للفهم, إذ إنه كان من غير المتوقع أو المعقول ما أحدثه الربيع العربي, ولمعرفة كيف أن الأمر كان غير محتمل الحدوث.
وحتى نُدرك في محاولةٍ للفهم كيف تعاملت بعض الأنظمة العربية مع مواطنيها, فمن المعروف أن البعض من الأنظمة العربية كانت تسعى جاهدةً إلى جعل شعوبها تحت الهيمنة, ومازالت تلك الأنظمة تمارس مع شعوبها الممكن وغير الممكن, والمشروع وغير المشروع حتى تنفذ أجنداتها التي لا تهدف في الأساس إلا إلى ابقاء الشعوب تحت الظلم، فمن أساطير تلك الأنظمة ما قبل الربيع العربي؛ تلك الأفعال التي نصفها بممارسات الأنظمة مع الشعوب, ومن مظاهرها الحكايات التي كان يتم تداولها وترويجها بين تلك الشعوب والتي كانت تستند في مجملها وغالبها إلى تكريس الفهم لدى المواطن البسيط بأن انظمتها ذات قدرة خارقة ومن يجرؤ ويفكر مجرد تفكير في النشاز يجد الأمر اتخذ أبعاداً ومناحي خطرة ووصل إلى درجة تصنيفه من قضايا أمن الدولة الشائكة وغير المستساغ التفكير فيها على مستوى الذهنية العربية, وعلى ذلك فنظامه مهدد بأن يقضي ما تبقى من عمره بين جدرانٍ أربعة, وقد تًدركه الرحمة بعد عقدٍ أو عقدين من السنين فيخرج إلى الحياة من جديد, وقد تحول إلى مواطن يخشى أن يكتشف جزء مخه الأيسر ما يفكر به الجزء الأيمن من ذات مخه.
أما من كان يعمل على نقل ذلك الرعب في الأوساط العامة, ويدمجها بشكلٍ أو آخر بحياة الناس اليومية, فإن هنالك موظفين مجندين من قبل أمن الدولة ومهمتهم نقل تلك الأخبار من داخل مديرات الأمن والتي من المستحيل اختراقها ومعرفة ما يجري فيها, هؤلاء الموظفون المختصون بالنقل لا يعلمون بالضرورة ما يقومون به من أدوار حيوية وهي صميم هذه العملية المعقدة, فأثناء تواجدهم في مديراتهم الأمنية, يقوم مختصون على درجة عالية من الإعداد والتدريب والتمرس في تغذية أفكار النظام وما يريد إيصاله وضخه من معلومات إلى المواطنين المدنيين في حياتهم العامة, يقوم هؤلاء المختصون بضخ هذه المعلومات إلى الموظفين المختصين بنقلها بطرق وسيناريوهات مختلفة, ومعلومٌ أن هؤلاء الرواة يتفاعلون من شرائح المجتمع المختلفة وفي جميع مناحي حياتهم, وعن طريق ذلك التفاعل يؤدون الدور الموصل للمعلومة بكل اتقان وهم لا يعلمون, وعلى هذا يبقى الناس في رعب مما يتفلت إلى مسامعهم بين الحين والآخر من داخل تلك المعاقل والمعتقلات الحصينة, غير أن تلك المعلومات مع تناقلها وكثرة من يتداولها قد يدخلها الزيادة والتضخيم بنسب مختلفة, والمهم من الأمر في النهاية أن يُبقي النظام القمعي مواطنيه تحت وطأة الخوف والذل من أي شيء محتمل الحصول, والأنظمة القمعية على مدى تاريخها تبذل ما بوسعها حتى تتنبأ بأي شيء قد يحدث, ومن ثم صياغة سيناريوهات مناسبة.
لكن ما أحدثه الربيع العربي تمكن بجدارة من اجتياح تلك الخطط والمتاريس, وأوجد ما لم تفكر به تلك الأنظمة حتى في أكثر الأحوال وأشدها سوءً, وتمكن من سحقها إلى الأبد, ولم يعُد لدى تلك الأنظمة إلا أن تكون أكثر رقياً من ذي قبل على حدٍ سواء الجديدة منها والتي أتت بها رياح الربيع العربي أو من كانت بمنأى عن مسرح الأحداث ومازالت تتخيل أن مبدأ السلامة سيطول أجله.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *