إبراهيم معتوق عساس

زادت خلال السنوات الأخيرة المشاكل والقضايا بين أصحاب العقارات والمستأجرين زيادة اشغلت الدوائر الرسمية واتعبت جميع الاطراف، وذلك لعدم وجود نظام واضح يطبق على ارض الواقع يبين العلاقة بين الطرفين، فتجد كل طرف اذا لم يعجبه تصرف الطرف الآخر، يعمد الى مراجعة قسم الشرطة وسحبه ليلا او نهارا، وهناك يتصارع الطرفان امام العريف او الجندي الذي يستلم منه القضية ولا يجد امامه سوى ان يقول لهم: احولكم جميعا الى المحكمة، مع انه قد يكون هناك طرف ثالث هو الذي يستحق العقاب ولكن يكون في لحظة التخاصم غائبا.
وعلى سبيل المثال فقد اخبرني احد الاصدقاء انه اجر عقارا عائدا لاخواته على مواطن باعتباره وكيلهم الشرعي وكان العقد على ان يستفيد من العقار لمدة خمس سنوات مضى منها نحو ثلاث سنوات وبقيت سنتان ولكن لان المستأجر يؤخر في الدفع ولا يلتزم ببنود العقد تفاهم الطرفان على تسليم العقار للمالك بموجب خطاب صادر من المستأجر بأنه لا يريد العقار وزاد على ذلك بأن قام بتسليم المفاتيح ليتيح له فرصة تأجيره على غيره، فعرض الوكيل العقار على مستأجر جديد واعطاه المفتاح وسلمه عقد ايجار وبعد ايام فوجئ الوكيل باتصال من المستأجر الجديد يفيد بأن الشرطة قد سحبته وتريدك ان تراجعهم وكان ذلك قرابة منتصف الليل، وكأن الأمر يتصل بجريمة كبرى، فلما راجع ذلك الصديق قسم الشرطة وجد المستأجر الجديد ومجموعة تدعي انها مستأجرة للعقار نفسه لا يعرف احدا منهم، وتبين له من اوراق قدموها انهم استأجروا العقار نفسه من الباطل من المستأجر السابق، وان عقدهم معه الذي تم من خلف ظهر المالك ينتهي بعد عامين.
وحاول المالك افهام الشرطي بأنه لا علاقة له بالمستأجر من الباطل وان المستأجر الاساسي سلمه العقار بموجب خطاب صادر منه، واصبح العقار في عهدته وان المستأجر السابق لا يملك حق التأجير من الباطل، وما دام العقار سلم من قبل المستأجر الرسمي بخطاب رسمي، فهل المطلوب تعليق لوحة على العقار قبل تأجيره بأن من له مطالبة على المستأجر السابق ان يراجعني قبل استلام العقار؟ وهل يقول عقل او منطق او نظام بذلك؟ فوجد الصديق ان المحقق يريد تحويل الاوراق والاطراف الى المحكمة، وان العقار سوف يتعطل، وبعد مداولات مع المستأجر من الباطل قال المستأجر الجديد له: هل تريدون العقار؟ اذا كان الامر كذلك فأنا مستعد للتخلي عنه واكملوا عقدكم، ولكن المستأجر من الباطل طلب مهلة للتفاهم مع المستأجر السابق الذي اجره العقار من الباطل.
وهكذا انتهت المشكلة بسلام بعد تفهم الاطراف المتنازعة انه لا توجد قضية بين المالك والمستأجر من الباطل، وانه اذا كان له حق فيأخذه من المستأجر السابق الذي اجره العقار من الباطل وثم سلمه للمالك، وما ذكر مثال بسيط وغير معقد لقضايا كبيرة معقدة تحصل في عالم العقار والايجارات، ولكنها نابعة من عدم تحديد العلاقة بين المالك والمستأجر، عندما تصل هذه القضايا الى المحاكم فإن الغارم في الغالب يكون مالك العقار الذي يتعطل عقاره ولا يؤجر لسنوات لان بين كل جلسة واخرى شهور، وقد يدفع المالك تعويضا غير مستحق لاطراف النزاع للوصول الى صلح امام المحكمة وخارجها وان استمر في القضية وخسر ايجار سنة او سنتين او ثلاث حتى تنتهي بصدور الحكم فلا احد يعوضه عن خسارته وتعبه وهذا الامر يشمل حتى الشقق السكنية التي بات بعض الملاك يحجمون عن تأجيرها على افراد لخشيتهم من عدم دفع الايجار وان المستأجر لن يخرج منها الا بحكم شرعي بعد سنوات من المقاضاة، فاذا خرج وجد الشقة خرابة وعليها فواتير ماء وكهرباء وصرف صحي، والطاقة مكسورة والبزبوز مخلوع والابواب مفزرة.
وقد اخبرني ابو درقاش انه اشترى عقارا به عدة شقق مؤجرة وفهم ان مجموع الايجارات مائتا الف ريال، ففرح بالصفقة ثم اكتشف ان ستة من المستأجرين الثمانية لم يسددوا الايجارات للمالك السابق، وانطبق الامر عليه وكلما طرق ابواب شقة للمطالبة بحقه وجد ابو درقاش صوتا نسائيا يرد عليه: رجال البيت مو في، فلجأ الى اقارب المستأجرين وابائهم واعمامهم وكلما ذهب الى واحد منهم وجد نفس الاجابة، خذ حقك بنفسك او اشتكيهم، فاتصل بالمالك السابق شاكيا له الحال فقال له: لم اكن افكر في بيع هذا العقار ولكن مشاكل المستأجرين كانت هي السبب، والستة المستأجرين ما دفعوا قرش من سبع سنوات، ولما ضاق به الحال باع ابو درقاش الدار بخسارة وقال لنفسه اهرب يا ابو درقاش بنفسك قبل ما تجيك جلطة والله يعوضك بالخسارة، فالى متى يبقى ابو درقاش وامثاله على هذا الحال الذي يجعل رؤوس الاموال تهرب من الاستثمار في هذا المجال؟؟!!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *