لم يخرج الحديث الأخير لعراب السياسة القطرية حمد بن جاسم عن مستوى التضليل المحمول على أكتاف مسلسل حوارات وتصريحات مماثلة كان احد أبطالها على مدى العقدين الماضيين، فالرجل لم يكتشف بعد أن وعي المتلقي اليوم لا يشبه ما كان عليه قبل سنوات قليلة بحكم انقشاع الغمة ووضوح الحال وسطوع النتائج ووقع التأثير المؤلم المخيب للظنون.
لا زال الوزير يعلمنا درسا جديدا من دروس الشفافية والوضوح وبنفس الأسلوب السابق الرامي لإيهام المنصتين بمصداقية الطرح عبر عبارات جلها من الوزن الثقيل في عالم الاحترام والمحترمين جاءت من باب استمرار محاولات تمرير الرسائل الناعمة وفي المقدمة حسن السلوك الذي تتمتع به المشيخة القطرية قياسا إلى جيرانها كما بشرنا الوزير، فالجزيرة على سبيل المثال لا يمكن ان يستوعب اطروحاتها سوى قطر الواهمة بتجذر الحرية والديمقراطية وحفظ كرامة الإنسان في محاولة جاسمية جديدة لتصدير الصورة الجيدة لمقاصد صاحب القرار الذي كان أحد مكوناته في قطر دون ان يفلح في تحقيق جميع مخططاته التدميرية.
لا يمكن تمرير حال براءة كتلك التي توشحت معظم عبارات الوزير ابان حديثه عن شكل العلاقة المشبوهة بحاكم ليبيا معمر القذافي فالأحاديث الثنائية كانت مضحكة على حد قول الوزير إلا أنها مؤلمة لجيران الوزير حد الصدمة، ذلك أن جاسم اعترف بمحاولة الخروج المتأخر من مأزق التآمر حيث جاءت المحاولة بعد اكتشاف المؤامرة مباشرة عندما اكد من باب التنصل كشفه لملامح التفاصيل في محاولة للقفز من سفينة بدأت تغرق تحت الأنظار للنأي بالنفس ليس إلا خاصة أن الأحاديث المسربة تؤكد أن القذافي مستمع جيد فيما كان الوزير الجار مبادرا برسم ملامح المؤامرة متفاخرا بقدرة خارقة على قلب المنطقة رأسا على عقب بحجة أن الجيران لا يحملون وعيا يتناسب مع وعي الوزير ومعازيبه،
وذهب الجاسم بعيدا في محاولة لغسل أدران ما اطلق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله آنذاك “الخسة” وفقا لرواية الوزير فيما كانت ملامح حمد الجاسم تتلوث بالمعنى الحقيقي للمفردة لا لشيء إلا لأن مروءة ابناء الجزيرة العربية تأبى أن تقع في منزلق شبيه يجسد حالة معيبة لا يرتضيها ابناء الصحراء في التعامل مع الغريب ناهيك عن ذلك.
لم تتحقق اماني الحمدين بل ظلت المملكة العربية السعودية شامخة كما كانت محمية بلطف المولى وقدرة القادة شيوخا وشبابا وبدعم ومؤازرة شعب وفي ينشد الأمن ويستميت للحفاظ على المكتسبات ليرفل بالرفاه والطمأنينة فيما جنى داعمو الإرهاب على الأمة الويل والثبور عبر ربيع عربي مزعوم توقف في الوقت المناسب بعد ان خلف شعوباً تسبح في الفوضى ليرتفع اعداد لاجئي العرب الى اضعاف اضعاف ما كانوا عليه فيما لم ينجح الوزير الفار من نفض غبار سوءة ما اقترفت يداه في تخفيف وطأة الصدمة وهو دون شك الأكثر قدرة لمعرفة حجم الجرائم ما ظهر منها وما بطن.
ماذا يمنع مقترفي الآثام من الاعتذار بشفافية عالية ووضوح تام دون مواربة بعد أن ولى زمن المراوغة فقد تفتح على أثر ذلك صفحة جديدة فتحت مرارا وفقا لرواية الوزير نفسه.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *