المسألة ليست فلوساً (وبس)

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

البعض يعتقد أن التطور النوعي المدني لا يعرف طريقه سوى الدول الغنية التي تسطيع شراء التكنلوجية واستقطاب العقول الخبيرة لتطوير مرافقها وبالذات تلك التي ترتبط بخدمة الناس. لكني شاهدت حقيقة العام الماضي وتأكدت بأخرى خلال الشهر الماضي جعلتاني أخالف هذا الاعتقاد.
سوف أبدأ بالأقرب والتي حصلت خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم المتابعة من مختلف شرائح المجتمع بل تم تأخير اجتماع قمة من أجل مشاهدة مباراة، تنقلت خلال أيام البطولة بحكم العمل بين مطار دولة عربية فقيرة و مطار جدة الذي تصرف عليه مبالغ مهولة، شاهدت في مطار الفقراء ما ينافس خدمات الدول الأوروبية المتقدمة، فقد تطور الحال إلى أن أصبح هنالك مدخل خاص وتجهيزات منفصلة بركاب الدرجة الأولى والأعمال لأن شركة الطيران بتعاون إدارة المطار يقدرون الفرق في أسعار التذاكر وبحكم أن الخدمات تنمى بالفكر الاستثماري فقد خُصص لهؤلاء الدفيعة جانب خاص للجوازات ايضا.
دخلت إلى صالون الدرجة الأولى فوجدت أن القوم قد جهزوا في كل صالون بل في كل ركن من صالات المغادرة طبعاً في مواقع محددة، شاشات عرض كبيرة للاستمتاع بمشاهدة المباريات لأن فكرهم خدمي فهم يعرفون إلى أين وصل مفهوم الخدمة وبالذات التجارية؟.
الغريب أنني بعدها بيومين كنت مغادراً جدة في اليوم الذي كانت فيه مباراة ألمانيا والأرجنتين وحرصت على الذهاب للمطار مبكراً لمشاهدة المباراة، طبعاً الجماعة لا يهمهم الدفيعة ولا هم يحزنون، دخلت صالوناً يسمى لركاب الأولى والأعمال تستطيع من أول وهلة أن تشاهد فيه أصناف الإهمال، المفاجأة أنني سألت عن المباراة فكانت إجابة مسؤول الصالون بالتالي\” للأسف نحن معنا كروت اشتراك لمشاهدة المباريات ونريد تشغيلها للركاب لكننا ممنوعين من ذلك؟!\”، خرجت أبحث في المطار عن وسيلة لمشاهدة المباراة فكانت الطريقة الوحيدة أن قام أحد جنود الجوازات بإقناع عامل الكفتريا بالصعود على طاولة فوقها كرسي للوصول (للرسيفر) و إدخال بطاقة البث الخاصة بالجندي ليأتي جميع الركاب والموظفين من مختلف القطاعات وإشغال الكفتريا بالكامل بدون طلبات لمشاهدة المباراة.
أعرف أن على رأس الهيئة العامة للطيران المدني مهندس لا تنقصه المعرفة والمقدرة وبالطبع لديه ميزانية، لكن القضية أكبر من ميزانيته، فالوضع ليصبح كما شاهدت في الدولة الفقيرة له مقومات من أبسطها تعاون شركة الطيران، أمن المطار، الجوازات، المباحث، الجمارك …الخ مع إدارة المطار لأنهم فريق يسعون لأهداف مترابطة وهذا ما لا يستطيع خلقه رئيس هيئة الطيران إن لم يقتنع ويطبق باقي أفراد الفريق مفهوم الخدمة حتى العسكريين منهم.
الحقيقة الأبعد والتي لا تختلف كثيراً عن سابقتها هي أمانة جدة، فعلى رأسها مهندس تاجر ناجح ويجيد تطوير الخدمات، لكن عدم تعاون أغلب القطاعات المرتبط أداه بها بما فيها الوزارة التي يتبع لها هو السبب الرئيسي لبعض النتائج المخجلة للأمانة، لأن المسألة ليست فلوساً أو لاعبين مميزين فقط طالما باقي الفريق يتفنن في الألعاب الفردية والخشونة.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *