تحدثنا في المقالة السابقة عن عودة بعض شباب منطقة الباحة للزراعة بما لذلك من عوائد ذات قيمة اقتصادية وبيئية وصحية واجتماعية ..والواقع أن مشهد تلك المزارع بتلك الصورة يدعو للابتهاج والارتياح لهذا الجمال والاخضرار .

حيث عادت الطيور ترفرف وتصدح بأنغامها العذبة والفراشات تتراقص في الحقول والنحل يقف على أكمام الزهور الفواحة ليمتص الرحيق ويصنع العسل .. الذي تميزت به المنطقة لكثرة وتنوع الأشجار والأزهار . وقد زادت معدلات الأمطار في السنوات الأخيرة ، فسبحان الله العظيم الذي أوجد علاقة بين الاخضرار وهطول الأمطار – وهذه حقيقة علمية – قد لا يعرفها الكثيرون.

ومن الجميل ما تقوم به الجمعية التعاونية الزراعية بالباحة ، فرغم عمرها القصير إلا أن أثرها واضح بجهود المخلصين وهي تمضي بخطوات مدروسة لتحفيز المواطنين وتشجيع الزراعة والاهتمام بنوعية المنتجات ، وحرصها على التصنيع والتسويق وغير ذلك .

حيث أن مؤسسات المجتمع المدني تشكل إضافات مهمة لمختلف الجوانب في حياة السكان . ونتمنى لو تكون هناك جمعيات زراعية مماثلة في كل محافظات المنطقة لتقوم بواجباتها كاملة لخدمة الفلاحين وتوعيتهم وإرشادهم بالأساليب الحديثة للزراعة وتربية المواشي ، وتقديم الاستشارات لهم ، والسعي لتحقيق الأهداف المتوخاة من قيام هذه الجمعيات التي تفيد الوطن عموما دون شك .

والواقع أن لدينا شواهد جيدة ومشرفة تظل نماذج يحتذى بها وفي مقدمتها جمعية النحالين التي حققت نجاحات متتالية منذ تأسيسها ساهمت بوعي في تشجيع هذه الحرفة وزيادة عدد المشتغلين بها ورفع متوسط الإيرادات سنويا ، وشكلت نقلات نوعية في عمل النحالين من خلال برامجها الهادفة أدت لأن يكسب المنتج المحلي الأفضلية عالميا بتحقيق المراكز المتقدمة في المستوى والجودة .

والمعروف أن منطقة الباحة تعد أغنى مناطق المملكة في كثرة الغابات والأشجار ووفرة الغطاء النباتي وتنوع النباتات . فجبل شدا به ما يمثل 60 في المائة من نباتات المملكة من حيث النوع . وهذه الخصائص التي تميزت بها المنطقة تشجع كثيرا على ضرورة استثمار البيئة والمناخ لاستزراع العديد من الأشجار المثمرة وأهمها الزيتون الذي ثبت نجاح زراعته وتأكدت جودته العالية .

وكنا قد دعونا قبل ربع قرن تقريبا -من خلال ندوة نظمتها مجلة الغرفة التجارية – للاهتمام بزراعة هذه الشجرة المباركة تحديدا من الجهات الرسمية المعنية وكذلك المواطنين ، ونعيد الدعوة مجددا..خاصة وأن عددا قليلا من المزارعين قاموا بزراعتها بكل ثقة . ونشير في هذا الخصوص إلى المبادرة الجميلة من الدكتور صالح عباس أحد المهتمين بزراعة الزيتون لعنايته بهذه الشجرة وجعلها الأولى في مزارعه وإنشائه معصرة مكتملة تخدم زراع الزيتون بالمنطقة وتمنع عنهم مشقة إرسال منتجهم لعصره بمناطق بعيدة وهو أمر يستحق معه الإشادة والثناء .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *