[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ليلى عناني[/COLOR][/ALIGN]

عندما تربطنا الحياة بقيود لا نستطيع الفكاك منها وتلزمنا الواجبات الأدبية بعدم الإهمال فيها، نلهو في دهاليزها وتمر بنا الشهور وتعقبها السنون وإذا بها تظهر لنا كطائر البراق يخطو بالزمن خطوة واحدة تمر علينا كعقود من الزمن تشهد فيه على ما قدمناه في حياتنا الماضية بكل دقائقها نستعيدها يوماً بيوم ولا تفوتنا هفوة منها! هذه هي الحياة تأخذنا من أنفسنا لتلقينا بعيداً عنها وتدور بنا بسرعة لا نشعر بها ونصبح أثناءها مكلفين بالقيام بأعمال متنوعة وكأننا أجهزة مبرمجة يترك كل منا فيها بصمات لا يمكن لغير صاحبها إنسابها له فالبصمة لا تكرر أبداً. أيام بما تحويه من أعمال كبيرها وصغيرها يسجله علينا الزمان وإن نسيناها أو تناسيناها.
عندما تقف عجلة الزمن عن الدوران وتلقينا في محطات الحياة الثابتة بعد روتين كان يلزمنا طيلة فترة من تاريخنا العملي الذي يشهد على ما قمنا به من أعمال إيجابية وسلبية، وما أكثرها لنستقر ونبدأ أول خطواتنا في الحياة الحقيقية بعد صراع مع النفس دام طويلاً والإلتزام الأدبي نحو المسئوليات التي لا تنتهي.
وقفت أتأمل هذه الحياة كيف مرت وتخيلتها وهي تسابق الرياح في سرعتها وماذا تركت ورائي من أشياء ومن ذكريات لا يمحوها الزمان من نفوس وقلوب من سيفتقدونني وأفتقدهم لمكانتهم الكبيرة في قلبي ومكانتي في قلوبهم، وآخرون ممن تركتهم خلفي قد لا يستحقون إبقائهم في ذاكرتي.
رأيت وتعاملت مع بشر لم أكن لأتعامل معهم لولا رحلتي تلك التي خضت فيها بحوراً متلاطمة الأمواج تارة وهادئة تارة أخرى وكأن رياح الرحمة الهادئة تحملها ولا تُشعرني بحركتها..سنين مرت كنت أعتقد بأنها لا تلتفت إلي كما لم أكن ألتفت إليها لم أكن أدرك بصماتها التي تركتها بكل دقائقها في أعماقي! كم من الناس رأيت وتعاملت معهم كم من الدروس تلقيت على أيدي كثيرين ممن صادفتهم واكتسبتها خلال رحلتي تلك! ترى أيمكن تدوينها في دفاتر؟ أم في مُجلدات لا تتسعها مكتبتي! لا يمكن حصر ما رأيت ومن رأيت وتعاملت معهم كم من البشر ترك بصماته في نفسي وفي قلبي وفي عقلي بصمات لأناس كثيرين تعاملت معهم رأيت خصالاً كثيرة وقرأت كتباً في رأس أناسٍ يتحركون بها فكل من تعاملت معهم تلك الفترة من حياتي هم كتب متحركة مثلي تماماً، لا يمكن قراءتها إلا إذا فتح صاحبها غلافها وفك رموزها ومعرفة ما فيها من معلومات عن صاحب الكتاب ليتمكن الآخرون من قراءة شخصيته ومعرفة الكثير عنه.. صفحات تحكي وتقص ما أجهله ويجهله الآخرون من شخصيات نتعامل معها..تركت كل ذلك بعيداً وأبقيت القريبين من قلبي فقط وبدأت رحلتي مع نفسي التي على مشارف طريقها جعلتني أشعر بمعنى العودة إلى النفس وكم هي ممتعة بل تحمل في طياتها الكثير لأعيش به والذي قد أثرى حياتي للأبد. وشجعني لأن أبدأ خطوتي الأولى نحو حياة جديدة قد افتقدتها كثيراً.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *