” جدة ” بهدوء ليلها الفاتن الآسر وبتفاصيله المحملة بتلك الصور الخالدة التي لا تغيب والتي لم تزل زاهية لم تغادر الذاكرة ابداً نقرأها كلما جد الحنين ..
ويتذكر هنا الآباء والأجداد ومن تواجد في حقبة من الزمن الجميل مهنة ”العسة” تلك الصافرة التي كانت تدوي في أركان المكان معلنة عن وجود العين الساهرة على أمنهم ليناموا ملء جفونهم عن شواردها.
انهم ” العسس ” كلوحة راسخة في وجدان حواري ” جدة القديمة ” بهيبتهم واحترام الناس لهم تقديراً لدورهم الهام حيث كان الاوائل يعيشون على البساطة دون ان يفكروا بشيء يقلق حياتهم او يؤثر عليهم فالشعوب والمجتمعات تستقي حاجتها الاساسية والضرورية من الطبيعة.. لكنها في نفس الوقت تجد البدائل والوسائل لتحسينها وتطويرها والانتفاع منها بشكل افضل.
ولجدة قديماً خصوصيات في كل شيء وكانت العديد من المهن التي يمارسها اهلها او الموجودين بهذه المدينة الحالمة .. وهنا نتذكر مهنة ” العسه” ، وكان من مهام عملهم الليلي التواجد بمركاز العمدة والتوقيع على دفتر الحضور والانصراف قبل وبعد بد عملهم ، وهنا سوف اتطرق الى هذه المهنة والتي اندثرت مع الايام بسبب اتساع وتطور مدينة جدة .
”العسة” وهو شخص يعمل على حماية ممتلكات الاهالي ومحلاتهم التجارية المتواجدة في اسواق جدة قديماً ويحمل معه صافرة وعصا ، تلك الصافرة التي كانت تدوي في أركان المكان منبهة الكل عن وجود العين الساهرة على أمنهم ليناموا ملء جفونهم عن شواردها.
والعسس أو حراس الليل نظام أمني في الدولة الإسلاميّة، مهمّته الطواف بالليل، لتتبع اللصوص، وأهل الفساد، وفي لسان العرب وفق ما يذكر “د. حسين دويدار” في المجتمع الأندلسي: عس يعس عسساً، وعسا أي طاف بالليل، ومنه حديث “عمر” – رضي الله عنه – أنّه كان “يعس” بالمدينة، أي يطوف بالليل، يحرس الناس ويكشف أهل الريبة.
ولأن رجل العسة لا يحمل سلاحاً في الغالب، ولا يمتلك أي وسائل مساعدة عدا صافرته وكشاف البطاريات الجافة، إضافة إلى عصاه الغليظة وحبل يشد فيه وسطه يستخدمه لشد وثاق المقبوض عليهم، فإنه يعتمد أساساً على هيبة صوت صفارته وقوته الجسمانية، إلى جانب سرعته في الجري عند ملاحقة أي هارب، ومعرفته بمسالك ودروب الحي، وعند رؤيته لأي متجول في هذه الساعة يطلق صافرته طلباً للتوقف، وعند الاقتراب منه يوجه نداءه المعروف: “يا ساري الليل”، طلباً للتعريف باسمه ووجهته والغرض من خروجه، ويطلب من الساري في هذه اللحظة أن يجيب معرفاً باسمه وسبب خروجه.
” العسه ” هو العين الساهرة لاهالي الحارة و في القديم لحقبة زمنية مضت بآلياته وقدراته و كام يقوم بدور كبير في تقليل السرقات وبث الطمأنينة في نفوس سكان الحارة ، و دور “العسس” هو دور أمني ومساعد لحفظ الامن والسطو.
وعادة يكون ”العسة” من نفس سكان الحارة لأن السكان يعرفونه وهو بدوره بعرفهم ودوره كبير ومقدر من الجميع ومساند للجهات الأمنية في الحد من السرقات والتعديات وخاصة في الليل .
همسة :
حنين وذكريات للماضي الجميل بكل تفاصيله .. وطموح وآمل بالقادم الأجمل بإذن الله.
@zamelshaarawi

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *