[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رفعة بنت محمد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]

مع إقبال إجازة الصيف علينا , واغتنامها لإقامة حفلات الزفاف والمناسبات السعيدة ؛ يحرص الكثير على إصلاح ما أفسدته النفوس البشرية من علاقات , فالأخ يبحث في هاتفه النقال عن رقم أخيه ليرسل له رسالة خجلى كخطوة أولى لإعادة المياه إلى مجاريها , والأخت ترسل أهل الخير لجس النبض لدى شقيقتها التي هجرتها من سنوات نسيت عددها ولكنها لم تنس تفاصيل خلافها معها , والأعمام والأخوال والأقارب في ذات السياق !
الجميل أن تعود المياه الصافية إلى العروق الجافة , فترويها بعد حرمان وقطيعة لم تسبب على طول الوقت سوى الجفوة والصلافة وتقويض أسس الحياة بين الأقارب . ولكن الغريب أن هذه المحاولات البائسة لإعادة النبض إلى جسد العلاقات الميت ما هي إلا أمر مؤقت !
نعم , فالناس في مجتمعنا يحرصون على حضور أكبر عدد من أقاربهم ومعارفهم إلى مناسباتهم , ومن هنا تأتي علامات الاستفهام حول صدق هذه البوادر المؤقتة بحدث معين ومكان محدد , وإذا وجدت الجرأة لتسأل المبادر أجابك : أريد لابنتي \” عزوة \” !
والمقصود عنا بالعزوة : ذلك الكم الهائل من عدد الحاضرين و الذي قد يشكل خطرا على موائد الطعام ومقاعد الضيوف أكثر مما قد ينتفع به صاحب الدعوة . ويرى الناس أن الازدحام في المناسبات يصور أهلها بصورة الفخامة والقوة والمكانة المرموقة , وحب الناس على أقل تقدير .
فإذا كنت تريد أن يرى الآخرون كثرة محبيك , فهل جميع الحاضرين يحبونك فعلا ؟ وإذا كان هدفك المفاخرة بكثرة أقاربك , فهل سيساهمون في إسعاد ابنتك أو ابنك خلال حياته الزوجية ؟ هل هذا التفاخر الفارغ إنذار وتحذير للطرف الآخر؟ ( طرف الزوج مثلا )
ألم تطلق نساء من قبائل معروفة ؟ الم تضرب زوجات من بيوت عريقة ؟ الم يسرق الأزواج رواتب زوجات من أصول معروفة ؟
هل الجري وراء تأكيد مبدأ العزوة المؤقتة تحقيق لأمر رباني بالتعاون والتكافل ؟ أم أنه مظهر اجتماعي هش ؛ ظاهره يخلب العقول بفخامته وأناقته , بينما تندس تحته قلوب حاقدة وحاسدة متنافرة ؟!
سمعت أن إحدى العائلات قد حضرت مع ابنها يوم عقد القران ( الملكة ) إلى مكان الحفل ( بحافلة ) ! نعم حافلة ضخمة نأت بعدد الركاب الهائل الذين ترجلوا منها يملؤهم الزهو والتفاخر وهم يرون أهل العروس يحدقون بهم من هول المفاجأة , مما جعل الإمدادات تتوالى على الحفل من المطاعم المجاورة لإشباع تلك الجماهير وسد النقص الذي لم يحسب له حساب , ولا أسمع هذه الأيام إلا أن ذلك العريس المسكين يعاني من الضائقات المالية التي تلاحقه وخاصة بعد أن رزق بالأطفال , بل أنه كثيرا ما يعتمد على راتب زوجته الموظفة , بعد أن بقي لفترة طويلة بلا عمل . وأتساءل كلما سمعت خبرا عنه : أين ركاب الحافلة ؟!
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *