الطريقة .. «بَلُبَصُ»!
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. ياسر العدل[/COLOR][/ALIGN]
بدأت علاقتي بالكرات منذ الصغر في قريتنا، حين أُسرِف في اللعب خارج الدار تناديني أمي كي أعود دون مشاكل، أبكي فتدللني وتستعطفني، وحين يفشل تدليلها في عودتي تبدأ المطاردة، تلاحقني في الحارات وتقذفني بالحصى واقذفها بالتراب والحصى والطوب وحين تنجح في الإمساك بي تحملني إلى باب الدار وتبدأ طقوسها في مسح دموعي وإعداد حَمّام تنقيتي مما علق بي من تراب وروث بهائم.
في قريتنا اكتسبت مهارات اللعب بكرة القدم، احترفت القيام بالمهام الخطيرة لحارس مرمى فريق حارتنا، ملعبنا نقيمه على أرض شارع أو على ساحة جرن حصاد أو في حارة، حين نفتقد الأحجار الكبيرة نصنع شواهد متحركة للمرمى من أكوام تراب وطوب وملابس اللاعبين، وقت مبارياتنا مفتوح ولا مانع من أن يشاركنا اللعب بعض العابرين، وللجميع الحق في الرجوع عن قراراتهم متى رغبوا.
فريق حارتنا أبدع طرقاً عبقرية للفوز في معظم المباريات، طريقة تمنع دخول الكرة في مرمانا بتحريك شواهد مرمانا تضيقاً أو توسيعاً ليعجز الفريق المنافس عن التسديد، وطريقة الصياح والقسم بأغلظ الإيمان أن الكرة لم تدخل مرمانا، الطريقة (بلبص) كانت هي الأفضل، بإخفاء ملابس الفريق المنافس ونضيعها بقصد المساومة عليها (بلبص) مقابل الاعتراف بعدد الأجوال التي نريدها.. وبالطريقة (بلبص) اقتربت نتائج بعض مبارياتنا من ثلاثين هدفاً لنا مقابل خمسة أهداف للخصم، وغالباً تنتهي مبارياتنا بمعارك يشترك فيها اللاعبون والمتفرجون وعابروا السبيل يتبادلون الإصابات بكرات غير مكتملة من طوب وطين وجلة ناشفة.
خبرتي مع فريق حارتنا إصابتي بالإحباط والأسى، حين تنتهي مبارياتنا ينهال الجميع على رأسي بالشتائم والاستهانة بإمكانياتي الكروية، إذا فزنا يتهمني الفريق المنافس بتحريك الهدوم فضاقت شواهد مرمانا وضلت كراتهم أهدافها، وإذا هزمنا يتهمني رفاقي بتحريك الهدوم حتى اتسعت شواهد مرمانا واستقبل كرات المنافسين.
مع انتشار مباريات كرة القدم كثرت الأورام والتسلخات في جسدي وانتشرت الرتوق في هدومي واختزن العقلاء خبرة الطريقة (بلبص) لتجريس المنافقين والمرتشين والفاسدين.
الآن ومعي كل هذه الخبرة، أراني صالحاً لقيادة فريق قومي لكرة قدم تعبر انتصاراته الحارات والشوارع ويصل بسمعتي إلى العالمية.
التصنيف: