الراتب قد يكفي الحاجة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]
ما لفت انتباهي في هاشتاق \” الراتب ما يكفي الحاجة \” هو أسلوب قراءته من قبل بعض الكتاب الذين يصرون على تناوله والتعاطي معه فقط من خلال الجزء الظاهر فوق السطح ، وغض الطرف عن الجزء المطمور تحته ، وأعني بذلك خوضهم في مسألة (الراتب )وتغاضيهم المريب عن خاتمة الهاشتاق .. وهي مفردة (الحاجة ) .. بالرغم أن سياق الهاشتاق لم يشر بشكل مباشر للمطالبة بالزيادة في الراتب .. وإنما كانت الإشارة الضمنية والمباشرة كانت باتجاه واحد .. وهو الحاجة .. فهل الإخوة الكتاب الذين رفعوا عقيرتهم بكيل التهم للنشطاء المغردين بهذا الوسم بحاجة ماسة لمن يشرح لهم مفهوم الحاجة ؟ أو بمعنى أكثر دقة .. الوعي بالفارق التعريفي بين ( الرغبة ) و ( الحاجة ) بالنسبة للفرد ؟ فمقولة (هذا المال لا يكفي لقضاء الحاجة ) ليست بذات المعنى الذي تحمله مقولة ( هذا المال لا يكفي لتلبية الرغبة ).. فالحاجة شعور ملح ومؤلم وقاسٍ بالحرمان الدائم لا يهدأ أبداً إلا بإشباعه فوراً .. كالجائع الذي يكون في أمس الحاجة للغذاء .. بينما الرغبة هي ميل لتحقيق هدف ما يحدده عادة ثقافة ووعي الشخص نفسه ، كالرغبة للسفر مثلاً ..لكن هل السفر مثل الجوع برأيكم ؟ إذن لماذا يصر بعض الكتاب على لي المقصود بالهاشتاق ليكون باتجاه الترفيه فقط .. أحد المغردين يقول راتبي خمسة آلاف وكسور فوقها ومطالب بتسديد مبلغ وقدره 25 ألف في السنة إيجار للمسكن الذي يعيش فيه هو وأسرته !! قوموا بتقسيم 25 ألفاً على 12 شهراً لتعرفوا كم يقضم الإيجار من راتب هذا الجندي كل شهر ؟ .. لا تكلفوا أنفسكم .. أنا حسبتها ( 2100 ) ريال تقريباً.. إذن ماذا بقي لفاتورة السوبرماركت طوال الشهر .. وماذا بقي لفاتورة الكهرباء في الصيف والشتاء .. وماذا بقي لفاتورة جواله .. وماذا بقي لمستلزمات طفلته الضرورية كالحليب الذي يتجاوز ثمنه الأربعين ريالاً أسبوعياً .. ومستلزمات زوجته التي لا تعمل .. والتزاماته تجاه والدته الوحيدة ..وماذا بقي لكي يدخره لنوائب الغد ؟ كل هذه الأشياء ولم أذكر لكم أنه في الأصل مقترض من البنك منذ سنتين من أجل أن يتزوج .. وبعد هذا يأتي من يقول إن الراتب تمام ويلبي الحاجة وآخر يقول : إن من يقف خلف هذا الهاشتاق هم أشباح يسوقون للفتنة.
هذه التهم يجب أن تتوقف لأنها لا تقدم حلاً البتة .. بل توغل القلوب وتزيد من حدة هذه الحملة . صدقوني .. الشباب يشتكي من الحاجة ليس إلا .. فلو تم تدبر أمر تلك الحاجة ما بقي لمسألة الزيادة من ضرورة .. فليعمل أصحاب القرار على مراجعة تلك الحاجات بدءاً من تأمين حاجة المسكن وذلك بالتعجيل في صرف بدل السكن مع بداية العام القادم على أبعد تقدير ، مروراً بالحاجة للأمن الغذائي من خلال أنظمة رقابية وحاسمة وصادقة لسوق السلع الاستهلاكية .. وانتهاء بالحاجة إلى التأمين الصحي لكل فرد في المجتمع بما يضمن له أفضل وأجود أساليب الاستشفاء في أرقى المستشفيات وسترون كيف تذوب كل مطالب زيادة الرواتب في بحر واسع من الرضا والقناعة والطمأنينة .
التصنيف: