الحكمة بين الطبيب والفقيه

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]شمس الدين درمش[/COLOR][/ALIGN]

كنا نسمع إلى وقت قريب إطلاق صفة (الحكيم) على (الطبيب)، وذلك أن الطبيب يتعامل مع الإنسان نفسه، جسمه وروحه. وإذا كانت الحكمة تعني وضع الأمور مواضعها الصحيحة فهو يتضح بشكل أقوى في وصف الدواء المناسب للمرض الطارئ على جسم الإنسان. ومن هنا اخذ الأطباء منذ القديم لقب الحكماء. ويحكى في بعض الكتب ان لقمان عليه السلام كان طبيباً، ويطلق عليه في الثقافة الشعبية التركية اسم \”لقمان الحكيم\”. بالمعنى الطبي. ومرة أغرتني نفسي او غرّتني فاردت ان اصحح هذه الفكرة وقلت امام جمع من الاحباب: إن القرآن الكريم ذكر لقمان عليه السلام وحكمته في الإرشاد والاصلاح والدعوة إلى الله، وتلوت عليهم الآيات الخاصة بذلك من سورة لقمان: (ولقد آتينا لقمان الحكمة..) إلى آخر الآيات. وأنه استحق لقب الحكيم بهذا الذي وصفه القرآن الكريم، ولا يمنع ذلك انه يعرف الطب ايضاً، ولكني وجدت اذنا صاغية وآذانا غير صاغية. ويبقى الطبيب مستحقاً لقب (الحكيم) لأهمية عمله المرتبط بصحة الأبدان، ولا يفوقه إلا الفقيه الذي يعنى بصحة الدين، فزائر الطبيب يسأل عما يصلح بدنه، وزائر الفقيه يسأل عما يصلح دينه، وبهما يكتمل صلاح الانسان، وكمال صحته الجسمية والروحية.
وإذا كان الطبيب محتاجاً إلى الحكمة في وصف الدواء للداء، فإن الفقيه اشد احتياجاً إلى الحكمة في وصف الحل للمشكلة، وما نقرؤه ونسمعه من تضارب الفتاوى والدخول فيها ممن ليس اهلا لها لا يقل عن الأخطاء الطبية، والشهادات المزورة التي تكتشف بين آونة وأخرى.
وقد قيل: انصاف الاطباء يذهبون بالأبدان، وأنصاف الفقهاء يذهبون بالأديان! ورحم الله امرء عرف قدر نفسه. ولعله لهذا الأمر الجلل كان السلف رضي الله عنهم يتدافعون الفتوى.
ولهذا ايضا نحتاج في اعداد الفقيه جهدا اكبر من اعداد الطبيب، وينبغي ان يكون شروط قبوله في الجامعة لا تقل عن شروط قبول الطبيب.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *