البحث عن عقلاء
في ظل هذه المناخات العربية المختنقة والمحتبسة والقابلة للانفجار بصورة ساحقة ومدمرة، ما أحوجنا إلى الحكمة، وما أحوجنا إلى رجال عقلاء ليلعبوا دور الحكماء والوسطاء لتنفيس حاله الاحتقان الحادة والملتهبة.. فليس من المعقول ولا المقبول أن يتساقط الناس فوق الساحة العربية بأعداد كبيرة صرعى وضحايا لتفجيرات انتحارية أو سيارات مفخخة أو بسموم قاتلة وفتاكة، فالنفس العربية يجب أن يكون ثمنها غاليا وألا تسترخص.. فالدماء باتت تغطي واجهة المشهد العربي واللهيب يمتد إلى الأطراف مهددا بإشعال قطب الدائرة حيث لا يكون هناك مهرب ولاملاذ.
أعلم أنها صورة قاتمة وكئيبة ويائسة، ولكنها حقيقة ما نعيش، لهذا أنا أبحث عن العقلاء والحكماء لإطفاء الحرائق وإيقاف كرة اللهب المتدحرجة من عاصمة إلى أخرى، حتى بات الحريق قدرا محتوما، وحتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه والاحتفاظ لهذه الأمة بنقائها وطهرها وقدرتها على العمل الجماعي المفيد.. والحكمة ليست غائبة عن محيطنا العربي، فأرضنا أرض الحكمة والرسالات السماوية، والأهم هو قبول الآخر، القبول بالحكماء، وأن يغلب صوت العقل على الفرقاء وألا يدفعوا جميعا باتجاه الجدار حتى نجد متنفسا للاحتقان، وما أحوجنا إلى مناخات تتراجع فيها الكراهية، وأن يكون هناك قاموس ومفردات مشتركة مثل المصالحة والتسامح والمغفرة تكون مدخلا نحو انفراجة نحتاجها في هذا المنعطف الخطير الذي تعبره الأمة بلا هادٍ وبلا دليل .. أما أن نتحول إلى معاول هدم لأنفسنا وأدوات لغيرنا لندمر حاضرنا ومستقبلنا فهذا ما لا نرضاه لأنفسنا.
المثير للدهشة والأسى أن صوت القوة هو الصوت الغالب، والقوة مسألة نسبية دوامها من دوام الحال -وهذا أمر مستحيل- ولو تركنا العنان لأحقادنا تلعب بنا، فاليوم قد نكون في موقع الضحية وغدا في موقع الجلاد، وهذا يعني انغلاق واستمرار دائرة الكراهية وتحول الأوطان إلى ساحة لتصفية الحسابات وتبادل الرعب وتهشيم إطار الأمن والاستقرار وتوسيع عذابات الناس ومعاناتهم.
أيها الناس ابحثوا في بلادكم عن حكماء وعقلاء يساهمون في إطفاء الحريق وأن نسعى جميعا إلى أن نعيش حياة طبيعية وأن نتعاون من أجل صالح الأمة ومنفعة شعوبها وأبنائها.. استمرار الحريق يعني أننا سنخسر كل شيء، فما دام الصراع بين شرائح المجتمع المختلفة في الدول الملتهبة ، والأيدي الخارجية هي التي تحرك بعض قواها ، فنحن ابناء الأمة الذين سنحترق ولن يحترق غيرنا ، وفي زمن الشفافية والمصارحة لن يرحم التاريخ أحدا، وسيقدم كل الذين تلوثت أيديهم إلى عدالة السماء وإلى عدالة الأرض.. ودولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة، وليشملنا الله برحمته.
التصنيف: