الاستثمار الأجنبي المباشر
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]على جاسم الصادق [/COLOR][/ALIGN]
يعد النمو المتزايد لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال التسعينات من القرن الماضي أحد أهم التغيرات الحديثة في الاقتصاد العالمي. فقد حققت هذه التدفقات معدلات نمو أسرع من تلك الخاصة بالتجارة الدولية والناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعلى الرغم من أن الوجهة الرئيسية لهذه التدفقات كانت ومازالت إلى الدول المتقدمة، فقد شهدت الدول النامية زيادة حادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى أراضيها منذ التسعينات.
يُعرّف صندوق النقد الدولي الاستثمار الأجنبي المباشر \”بأنه ذلك النوع من أنواع الاستثمار الدولي الذي يعكس حصول كيان مقيم في اقتصاد ما على مصلحة دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر، ويشار إلى الكيان المقيم باصطلاح \”المستثمر المباشر\”، وإلى المؤسسة باصطلاح\” مؤسسة الاستثمار المباشر\”، وتنطوي المصلحة الدائمة على وجود علاقة طويلة الأجل بين المستثمر المباشر والمؤسسة، بالإضافة إلى تمتع المستثمر بدرجة كبيرة من النفوذ في إدارة المؤسسة. \” ولأغراض هذا التعريف يكون الحد الفاصل لتعريف الاستثمار الأجنبي المباشر هو ملكية حصة في رأس مال الشركة التابعة في البلد المضيف تساوى أو تفوق 10% من السهم العادية أو القوة التصويتية لمؤسسة الاستثمار المباشر.
ومن هذا التعريف يمكن أن نستنتج ما يلي: إن الاستثمار الأجنبي المباشر ينطوي على علاقة طويلة الأجل تعكس منفعة المستثمر الأجنبي المباشر التي يترتب عليها تحويل أصول ملموسة وغير ملموسة إلى البلد المضيف،يكون للمستثمر الأجنبي الحق في إدارة الوحدة التابعة والرقابة عليها،لا يحتاج المستثمر الأجنبي بأن يمتلك جميع أصول الوحدة التابعة، حيث أن 10% من الأسهم العادية للشركة تكفي لإنشاء هذه العلاقة،أن معيار التفرقة بين الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمار الأجنبي غير المباشر هو حيازة المستثمر الأجنبي 10% من أسهم الشركة مما يعطيه الحق في إدارة المنشأة والرقابة عليها.
يمكن تقسيم أنواع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أشكال مختلفة استناداً على كيفية إنشاء المشروعات في البلد المضيف وعلى استراتجيات الدخول، والدوافع والأسباب وراء الاستثمار في بلدان أخرى غير بلد الأم.
ينقسم الاستثمار الأجنبي المباشر من حيث كيفية أنشاء المشروعات في البلد المضيف إلى الاستثمار التأسيسي الذي يعني إنشاء مرافق إنتاجية جديدة للشركة الأم في البلد المضيف، أو استثمارات عن طريق عمليات الاندماج والاستحواذ الذي يعني قيام المستثمر الأجنبي بشراء أو الاندماج مع شركة قائمة تعمل في البلد المضيف لإنشاء كيان قانوني جديد. كما أن الاستثمار الأجنبي يمكن أن يكون شركة تابعة مملوكة كلياً للمستثمر الأجنبي أو من خلال الشراكة مع مستثمر وطني.
وأخيراً يمكن تصنيف الاستثمار الأجنبي المباشر من حيث الأسباب والدوافع وراء الاستثمار في الدول المضيفة من وجهة نظر المستثمر الأجنبي. فهناك الاستثمار الباحث عن الأسواق الذي يهدف إلى خدمة السوق المحلي للدولة المضيفة للتقليل من بعض تكاليف المواصلات والرسوم الجمركية، والذي يعد بديلا للعمليات التصديرية من قبل الشركة الأم والبلدان المضيفة. كما يسمي هذا النوع بالاستثمار الأجنبي المباشر الأفقي حيث تقوم الشركة الأم بإنشاء وحدات إنتاجية تابعة في البلد المضيف لإنتاج نفس السلع والخدمات المنتجة التي تنتج في المقر الرئيسي للشركة الأم، هذا النوع من الاستثمار الأجنبي كان حلاً مثالياً لتجاوز السياسات الحمائية التي اتبعتها بعض الدول النامية التي طبقت سياسة إحلال الواردات خصوصاً دول أمريكا الجنوبية. ثانياً: الاستثمار الباحث عن المصادر الطبيعية والذي يسعى إلى الحصول على الموارد الطبيعية الرخيصة التي لا تتوفر في دولة الأم للشركة، ومن ثم يسعى لاستغلال الميزة النسبية للدولة المضيفة. ثالثاً: الاستثمار الباحث عن الكفاءة والذي تسعى الشركات الأجنبية من ورائه لزيادة كفاءتها الإنتاجية عن طريق تحويل جزء من خطوط الإنتاج لدول مضيفة تتمتع بميزة نسبية في تكاليف الإنتاج «الخامات، قوى العمل، والمنتجات الأولية الرخيصة». كما يطلق على هذا النوع بالاستثمار الرأسي حيث تقوم الشركة الأم بتوزيع خطوط أو مراحل عملية الإنتاج على دول مضيفة مختلفة. وأخيراً الاستثمار الباحث عن أصول إستراتجية والذي يسعى إلى الحصول على أصول إستراتجية تكون ذات أهمية للشركة الأم في الأجل الطويل. فعلى سبيل المثال قيام المستثمر الأجنبي بالاستثمار في المناطق المتطورة للاستفادة من التكنولوجيا المستخدمة في هذه المناطق يدخل ضمن هذا التصنيف.
أن الاستثمار الأجنبي المباشر، يمكنه أن يحقق لاقتصاديات الدول المضيفة بطريقة مباشرة الميزات التالية: مصدر أساسي للموارد المالية خصوصاً للدول النامية، ومصدر للمعرفة والخبرات الإدارية وتوطين التكنولوجيا، وزيادة القدرة التصديرية للدول المضيفة، وخلق وظائف جديدة والحد من مشكلة البطالة وتدريب العمالة الوطنية، ودعم عمليات الأبحاث والتطوير، بالإضافة إلى بعض المزايا الأخرى التي يمكن أن تتحقق بطرق غير مباشرة.
التصنيف: