الإعصار العربي المدمر
شعوبا عربية بالأمس القريب تبكي من حكامها، واليوم تبكي عليهم، وتتباكى على حكمهم !! نعم تتباكى على الأطلال !! تنوح على الماضي الجميل، بعدما انكشف الغطاء عن وجه الحاضر القبيح !!
غدار يا زمن غدار!! لسان حال الشعوب !! بعد أن ذاب الجليد، وسخن الحديد، وظهرت النتيجة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار.
شعوب كانت ضحايا لمكر الليل والنهار من قوى خارجية، ودول تدعي الديمقراطية، وتتوشح أوسمة العدل والمساواة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، واختيار حكامها دون شروط تُفرض عليها، أو أملاءات تسطّر لها!! فدفعت بتلك الشعوب لإحداث ثورة، وخلق ثوران، مع تنويم عقولها، والتدليس فيها، والتلبيس عليها، فتنفذ كل ما يطلب منها، دون فكر، أو تفكير، أو فحص أو تمحيص!! فغسلت أدمغتهم بإبراز شعارات براقة، خداعة، كذابة!! فسمت تلك الانقلابات والخروج على الحكام وقلب الأنظمة وتغييرها بأسماء مثل الربيع العربي، و ثورة الشعوب على الظلم والطغيان، والتحرر من الذل والهوان، وصورا لتلك الشعوب المسكينة فاقدة الوعي والإدراك والفكر والتفكير، في خضم تلك التعزيزات النفسية ، أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بطريق وأحد، وسبيل أوحد، وهو قلب أنظمتها، وتغيير حكامها!!
ولتحقيق هذا الهدف تمت برمجتهم كليا، فسهل التحكم بهم ، والقدرة عليهم ، وتحريكهم بجهاز الريموت كنترول، بطاعة تامة، فلا عصيان ولا مقاومة، ولا استفهام ، ولا استفسار، ولا شجب ولا استنكار !!
هدفها الريئسي؛ تفرقة تلك الشعوب، وتمزيق وحدتها، والقضاء على إرثها وموروثها!! فتحل الفوضى بديلا للأنظمة والنظام ، والخوف بديلا للأمن والأمان، والتشرد بديلا للراحة والاستقرار، والفقر بديلا للغنى والرضى !!
فبذلك يسهل السيطرة على تلك الدول وشعوبها، ويتم التحكم بثرواتها، ومقدراتها، ومكتسباتها، وتعيين محكوم لتلك الدول، حاكم على تلك الشعوب ، فيكون ذلك الحاكم رهن للإشارة في كل وقت !!
فهاهي تلك الشعوب بدأت تفوق، بعدما زال أثر التنويم ولكن بعد فوات الأوان!! فأخذت تبكي تلك الشعوب وتتباكى على الماضي الجميل، رغم شدته وقساوته إلا أن ناره ارحم بكثير من ظلم وقهر وفقر الحاضر القبيح !! حاضر الاستعمار الجديد، الذي عاد بوجه آخر، وبشكل أكثر قساوة، وأشد ضراوة!!
وهذه عبرة وعظة لبقية الدول العربية التي لم تصطلي بنار تلك الثورات المزعومة ، والشعارات المسمومة!! فنحن في مملكتنا الغالية ننعم بنعم عظيمة أولها نعمة الإيمان ثم نعمة الأمن والأمان، بفضل الله وحده، الذي منّ علينا بالحرمين الشريفين، وجعل خدمتها شرف كبير لنا، ثم حبانا أسرة حاكمة، عادلة، مُحِبة لنا، متواضعة.. قال تعالى( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ? وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ابراهيم (7). اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى.
Twitter:@drsaeed1000
الرياض
التصنيف: