الإسلام السياسي.. والأمر بالمعروف
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إبراهيم عوضه الشدوي[/COLOR][/ALIGN]
ربما تكون المملكة العربية السعودية احدى الدول التي يمكن أن يطلق عليها مسمى الدولة الدينية , وهي في هذا الأمر تعد من الحالات النادرة وسط المجتمع الدولي والذي تكون الدول فيه إما علمانية أو بدرجة أقل شيوعية متحررة , ومصطلح الدولة الدينية ليس مسمى تختاره الحكومات للعب على عاطفة الشعوب بل هو كيان وتنظيم لا يقل عن غيره من اشكال وتوجهات الدول الأخرى يؤثر على نظرة الدولة للتشريعات وللاقتصاد وللمجتمع وكافة مجالات الحياة والمملكة العربية السعودية بانتهاجها للشريعة الاسلامية في نظام الدولة أثرت ارضاء الله ثم مواطنيها على أن تبحث عن أرضاء المجتمع الدولي والذي لا يعترف إلا بعلمانية الدولة كسبيل لتقدمها .
أحدى أكثر القضايا الشائكة التي يواجهها مجتمعنا ذو الهوية الإسلامية تتمثل في عمل هيئة المعروف والنهي عن المنكر والتي واجهت حرباً شرسة من الداخل ومن الخارج , وفي الواقع فإن القرآن الكريم قد تحدث صراحة عن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومدى فضلها وحث المسلمين على اتباعها , والمملكة العربية السعودية ومن باب حرصها على تطبيق شعائر الله قد وضعت جهازا منفردا ينظم تطبيق هذه الشعيرة العظيمة ويهتم بمراقبة أي انحلال خلقي أو فكري يصيب هوية المجتمع الاسلامي , ورغم الدور المميز الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا أن الحرب الضروس عليه لم تتوقف وكثيرة هي المطالبات بغلق هذا الجهاز رغم أن دوره يتشابه تقريبا مع دور شرطة الآداب في الدول التي يرغب البعض في أن نقتدي بها .
وحاليا وبعدما وصلت تيارات الإسلام السياسي لسدة الحكم في أغلب الدول العربية , باتت تلك التيارات تنظر إلى المملكة كنظرة التلميذ إلى معلمه وذلك لأنها انتهجت الشريعة الإسلامية ووضعتها كنبراس لها من نشأتها وهو ما استطاع تكوين مجتمع محافظ مائل إلى الدين بطبعه خاصة مع عدم وجود انقسامات دينية بين أفراده واتباعهم جميعا لمنهج الإسلام .
ولكن يبقى من الصعب على تيارات الإسلام السياسي الحالية والتي استطاعت الوصول لمقاليد الحكم مؤخرا أن تستنسخ النموذج الإسلامي التي اتبعته المملكة وذلك لوجود ديانات أخرى غير الإسلام بالإضافة إلى اعتياد المواطنين على طبيعة الدولة المدنية والتي جعلت من الإسلام دينا لا يخرج من المساجد , فتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تلك البلاد ينبغي أن يتناسب مع الطبيعة الاجتماعية لسكانها وليس عن طريق تكرار التجربة الناجحة لدول أخرى بحذافيرها , فنحن نعلم بأن تيارات الإسلام السياسي تريد الصلاح للمجتمع ولكن السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه هو حول طريقة التطبيق وليس النتيجة .
والله من وراء القصد
[email protected]
التصنيف: