[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي خالد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]

* زار عدد من الأشخاص دجالاً في منطقة نائية، وبدأوا يتكلمون، والدجال يستمع إليهم..
صاحب المشكلة الأكبر ـ كما يعتقد ـ بدأ الشكوى.. قال إنه منذ عشرين عاماً وتجارته في تراجع، وأرباحه في انخفاض بينما فلان، وعلان تجارتهم في تقدم، وأرباحهم في ازدياد!
ابتسم الدجال، وقال: هذه عين أصابتك، وعلاجك يحتاج لبذل المال، وتعود تجارتك قوية، وتتراجع تجارة فلان، وعلان، ولن يطول الوقت حتى تحضر لي مرة ثانية، وتخبرني بذلك، ومد الدجال يده اليمنى في تواضع عرف عن الدجالين، وأخذ المال المتوفر في جيب الضحية الأولى على وعد بالمزيد بعد المرحلة الأولى من العلاج..!
وتحدث صاحب المشكلة الثانية فقال إنه منذ خمس سنوات فقد كثيراً من لمعانه، ووهجه، وجاذبيته، فبعد أن كان ـ حسب رأيه في نفسه ـ محط الإعجاب، والتقدير صار لا يحتفي به أحد، ولا يعيره اهتماماً، لدرجة أن المقربين له قاموا بتقليد الآخرين في عدم الاحتفاء به، وعدم الاهتمام بوجوده في أي مكان، وموقع..!
كرر الدجال ابتسامته وقال: \”إنها عين فقط تختلف خطورتها عن العين السابقة\”، وظهر الدجال أكثر تواضعاً وهو يفتح يده اليسرى هذه المرة ليستقبل الدفعة الأولى من العربون، بينما ظل الشخص الذي يشكو من ذهاب بريقه، ولمعانه، وجاذبيته رزيناً هادئاً كحال الأشخاص المعروف عنهم البريق، واللمعان، والجاذبية..!
وجاء دور صاحب المشكلة الثالثة.. قال إنه لا يستطيع التركيز في شيء.. وعدم التركيز هذا يجعله في حيرة شديدة فهو موظف، ورجل أعمال، ويريد بأقصى سرعة أن يكون واحداً من اثنين، موظفاً كبيراً، أو رجل أعمال كبيراً، مديراً عاماً، أو مليونيراً..
ابتسم الدجال بخبث شديد وقال له: إذا أردت أن تكون موظفاً كبيراً فهذا سهل، وإذا أردت أن تكون رجل أعمال كبيراً فهذا سهل أيضاً، ومد صاحب المشكلة يده بالعربون نحو الدجال الذي أخذ المعلوم ـ وهو يبدي عدم اهتمام به ـ وبدأ الدجال يتفحص وجوه مرضاه الثلاثة..!
التفت الدجال ـ نحو الرابع ـ الذي كان يصغي لمشاكل زملائه الثلاثة، وسأله: ما مشكلتك أنت..؟
قال: أنا لا توجد عندي مشكلة، عملي مرتاح فيه، ووظيفتي طيبة، دخلي يلبي احتياجاتي، وقانع بما أنا فيه.
شعر الدجال أن هذا الشخص الرابع سيفسد عليه الصفقة إن لم يكن عاجلاً فآجلاً، ومن باب الحيطة، والحذر أخذ يحاوره ويداوره ليقع في شراكه.
قال الدجال موجهاً حديثه للشخص الرابع، بينما عينه اليمنى ترتفع وعينه اليسرى تنخفض:
لا شك أنك تطمع في تحسين دخلك، لا شك أنك تبحث عن وظيفة أكبر، لا شك أنك تريد أن تكون لك مكانة عند رئيسك، وعند زملائك، سأساعدك على ذلك، وسأحقق لك ما تريد!!
وانتظر الدجال الرد، لكن الشخص الرابع لم يتكلم.. كانت نظراته تتجه لزملائه مرة، وللدجال مرة، وأصر الدجال على أن يسمع الرد.. فقال له: أنت تسكن في سكن متواضع، وفي منطقة متواضعة، وتحتاج إلى سكن أفضل، ومنطقة أفضل، لماذا لا تخدم نفسك أولاً، وبعد ذلك تصنع للآخرين أحلامهم..؟!!
فوجئ الدجال بالرد، وأدرك أن استمرار النقاش مع هذا الشخص سيفقده ثقة زملائه، وقد يتمادى هؤلاء الزملاء فيسحبون العربون، ولا يعودون إليه، ورأى أنه من الحكمة أن لا يرد إطلاقاً، وأن يرسم على وجهه ابتسامة نصف راضية، نصف غاضبة، \”بينما عينه اليمنى تنخفض، وعينه اليسرى ترتفع\”..!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *