[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد علاونة[/COLOR][/ALIGN]

تحوم في علم النفس والفلسفة مقولة \”إرضاء غاية البشر لا تدرك\”، على اعتبار أنها من المسلمات، لذلك يحرص المانح من الناس أن يكون حريصا على احداث توازن في ذلك العطاء فيستبقي على حاجة مستمرة.
في المقابل يمنح بذلك القدر لكي لا يجد نفسه في النهاية لا يملك ما يعطي.
وإن كان في ذلك الكلام قليل من الفلسفة، فإن واقع الأمر يجزم بأن طموح البشر وسعيهم لدرجات أعلى كانت في العيش، أو بلوغ الحرية والكرامة أمر منطقي؛ فكل يسعى لمستوى مريح، وقناعة مرضية تفضي إلى السعادة حتى يرث الله الأرض.
لكن إن تناقضت تلك الفلسفة من خلال الأخذ بدون عطاء من أي من الطرفين، فإن المعادلة تختل وتظهر على السطح أشكالا متعددة من فساد واعتداء للحصول على الحقوق بالقوة من قبل الناس، أو فرض القانون بذات القوة لوقف حالة الأخذ بغير حق.
في كل الأحوال ذلك يستوجب استخدام لغة العقل وقليل من الذكاء من قبل الدولة لا الناس، فهي قادرة بمؤسساتها ومسؤوليها على التعاطي مع الأمور بحكمة لتحدث توازنات مفترضة في المجتمع، فتمنح أصحاب الحق حقوقهم بغض النظر عن أشكالها، في نفس الوقت تقف عند درجة معينة من ذلك العطاء؛ لكي لا تمنح فرصاً لطمع أو طلبات فوق الحاجة والمستطاع.
وبعيداً عن تلك الفلسفة الفضفاضة، فإن السباحة عكس التيار لا يعني عدم منح البشر حقوقهم، بل يتعدى ذلك إلى الانتقاص من تلك الحقوق، وأخذ ما تبقى لدى الناس من حرية رأي، أو ممارسة على أرض الواقع.
ولا تختلف المعادلة في الاقتصاد كما في السياسة؛ ففرض ضرائب مستمرة دون الحصول على خدمات مقابلة (تعليم، نقل، صحة…) يدفع البشر إلى الشعور بالغبن والخديعة، إلا إذا كان المانح لتلك الخدمات يعتقد أنه يستعين بتلك المقولة، وهي عدم ادراك غاية الناس، ويعتبرها قاعدة أساسية في التعامل، لكنه يغفل عن أن يعمل على إحداث ذلك الخلل والابتعاد عن المعادلة السهلة والمتبعة في المجتمعات كافة، الكفيلة بتأمين أدنى درجات الامن والاستقرار.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *