[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد العزيز أحمد حلا[/COLOR][/ALIGN]

فى كل عام نستقبل شهر رمضان الكريم فى ديارنا. تلك الديار التى من الله عليها بحكومة رشيدة ترعى أمنها وأمانيها وتحافظ على سلوك سيرها المستقيم من منطلق ديننا الحنيف لهذا جاء فى العام أن استقبال شهر رمضان فى بلادنا يكون استقبالا محفوفا بالفرحة والعمل المخلص الدؤوب وهذا الجانب لاغبار عليه لكن المفهوم فى مدارات البحوث أن تتركز على شواذ القواعد ولقد تكلمت سابقا فى عدة مقالات عن كيفية استقبال شهر رمضان فى الزمن الماضي فى المدينة المنورة وكان جميع تلك الأحاديث مشوقة لبعض القراء حتى طلبوا تكرارها والتوسع فيها لكننا فى الوقت الحاضر ظهرت أمامنا أمور سلبية لهذا الاستقبال تكاد أن تستفحل ويصعب علاجها لهذا فضلت بأن يكون بحثي هنا يدور حول بعضها لإلقاء الضوء عليها ولو بشكل مختصر لعلنا نرجو الفائدة من ذلك ففي وجهة نظري التي قد يشاهدها الجميع فى رمضاننا المأنوس فى المدينة المنورة ، أن هناك من يستعد لاستقباله روحانيا وذلك بالعبادة والأعمال الصالحة كما فعل السلف الصالح وهناك من يعد له عند قدوم شهر شعبان وآخرون يعدون العدة فى لياليه وكل يمون حسب اتجاهه لكننا كجيل مخضرم أصبحنا نفرق بين التيارين لأن التاريخ الحقيقي الذى أبرز شخصية المدينة المنورة الرمضانية هو لفيف من هذا وذاك إلا أن روحانية المدينة الإيمانية الكبيرة النابعة عن الجوار الشريف تظل مسيطرة على الجميع لهذا فأنت عندما يكتب الله لك الصيام فى المدينة المنورة تشعر بنفحات إيمانه وخاصة ببركات هذا الشهر الكريم.
نقول وبالله التوفيق إن ما نراه حاليا من بعض الناس أو على الأصح من معظمهم فى استقبال شهر رمضان أو التعايش معه فهناك مغالطات كثيرة وكبيرة فى حق أنفسهم ثم الإساءة لهذا الشهر الكريم الذى جاء بظلاله الوارفة المملوءة محبة ومودة وبشرى خير لهم والتحاليل لتلك المغالطات كثيرة لا يمكننا أن نغطيها فى مقال أو اكثر لكننا إن شاء الله سوف نتجاذب أطرافها فبعض الناس هدانا الله وإياهم ينظرون لقدوم هذا الشهر نظرات الجشع والنهم وكأنه شهر خصص للطعام والشراب مما أدى ذلك إلى افتعال أزمات اقتصادية أسرية يدفعون ضريبتها فى الأيام القادمة ولم يقتصر الأمر على هذا بل يصبح التبادل فيها وارداً بين المواطن والتاجر والسوق والطرقات أيضا وقد تمتد ظلال هذه القضية على جميع مرافق الحياة الخاصة والعامة وينجم عن ذلك أيضا مضايقة بقية المواطنين الذين لاناقة لهم فيها ولاجمل حتى أصبحت هذه الأمور فى الأيام الأخيرة تتسلسل على فترات زمنية من دخول شهر شعبان لتقف الأسواق والشوارع والطرقات على قدم وساق وقد يسأل الإنسان نفسه ما العمل لحل هذه القضية التي استشرت وزادت سلبياتها ؟ . هل هو فى يد المواطن أو الدولة أو التاجر؟ . ويبدو أن الحل يقف شامخا على رأس المواطن صاحب هذه القضية ثم التاجر ثم الدولة وقد وضعنا الدولة فى المقام الأخير من المسؤولية لأن مبدأ حرية التجارة الذي تنتهجه بلادنا حرية مطلقة نابعة من ديننا الحنيف لهذا نراها معقولة ومتزنة لهذا فدورها ثانوي ومطبق للمبادئ السليمة وهناك جهات تشترك فى حل هذه القضايا بطريق غير مباشرة لكنها مؤثرة تأثيرا بالغا بحلولها .. ممثلة فى رجال هيئة الدعوة والإرشاد كذلك الإعلام قاطبة ثم المدارس والمعاهد والجامعات ثم التوعية الطبية الممثلة فى الطب الوقائي .
لهذا فنحن إذا نظرنا بدقة إلى هذه المحافل المتعددة الجهات والتخصصات نجد أن القيادة فى معظمها بيدها وان لم تكن مائة بالمائة لهذا يطالبها الواقع المر والطافح على ظهر هذه المعايشة بتكثيف نشاطاتها حتى القضاء عليها أو على معظمها ولنضع فى فكرنا عدم حل هذه القضية عاجلا حتى لانيأس فالصبر والعمل الدؤوب من جميع تلك الأطراف حتما سيغير هذه المعضلة أو يضعفها .. وأيضا لهذه الجهات تأثير بالغ لبقية شرائح المجتمع فى معايشة أيام وليالي شهر رمضان التي يقضونها فى النوم فى نهاره والسهر على المسلسلات والأفلام فى ليله ولا أقول تحاملا على هذا الجيل أن هذه الصفات غير المحمودة هي غير موجودة فى الازمان الماضية ولكنها كانت نادرة فالكل كان يعرف أن شهر رمضان شهر عبادة وهو كنز سنوى امتن الله به على عباده يحصدون فيه الحسنات ويدفعون به السيئات فكان ذلك هو الدافع الذاتي لهم فى معايشة شهر رمضان وأيامه ولياليه من بدايته إلى آخر أيامه أما اليوم وللأسف الشديد فالغالبية العظمى من الناس أصبحت تحتاج إلى نهج سلوك قويم وليكن من تجارب الماضي ومن وعى الواعين والله الموفق والهادى الى سواء السبيل.

المدينة المنورة : ص.ب: 2949

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *