أنا لست ملاكاً..
د. تهاني سعيد الحضرمي
عبـــارة نرددها كثيراً ونتحايل بها على الكم الهائل من أخطائنا الشتى التي نقع فيهـا سواء أكـــان ذلك بقصد منــا أم بدون قصد ، باعتبــارنا بشراً ولسنا معصومين عن السقوط في هاوية الخطأ !!
وعليه وللأسف الشديد تمادينا ..نجرح بلا حدود ولا نُبالي .. نظلم ونؤلم بل ونُغالي نُكــابر .. نُجــادل .. نُعاقب .. نُشاجر.. نغــادر قلوب المحبين نحترف الإساءة إلى الآخرين ، نعمل جاهدين على تحطيم المشاعر ولا نهتم حتى بالمقربين.
ننسف العشرة بكلمة ، وكأن الضمائر ثملة .. والحياة مجرد علكة .. تفقد مذاقهـــا العذب حينما يستعذب البعض آلام البعض الآخــر ، ويقتني القوي أسلحــة الدمـــار الشامل في التعذيب ..وتتصدر سلوكياته العدوانية حتمية القضاء على آخر رمق في وجدان الضعيف .. باستخدام أصعب الأساليب كالعناد.. كيف لا ؟! والبعاد سر من أسرار العناء.. والتوازن يفقد السيطرة على البقاء .. فتضييق الخناق على الأشواق منشط طبيعي لهدم الذات !.
بصمت تشتم أفعالنا أحاسيس من يحبوننا..ومشاعر غل تخترق قراراتنا أجساد من يكرهوننا ..فلا اعتراف بالقيم ، ولا تبني للمبادئ والحكم ، وليس للتسامح طريق إلى القلوب ، ويعد الاعتذار إهانة تلتصق بالمغلوب ، فالنظرة الاستعلائية والاتجاهات التعصبية والتقاليد العنصرية أنسجة تمثل الثقافة الشخصية التي تُشكل السلوك الإنساني حيث الاعتقاد النفسي والتفاعل النسبي مع المعطيــات والارتباط المنطقي بالمؤثرات والتشابك الواقعي بالمواقف والأحداث .
كل أولئك الذين لا يتمتعون بكبح جمــاح الغضب وضبط النفس ولا ينتمون إلى البيولوجيــة الإنسانية .. يرتكبون الأخطاء في حق الغير ويصرون على الانتقام وخلق أجواء من القلق والتوتر وعدم التكيف والانسجام حيث الإصرار على استمرارية الخطأ وتجنب الاعتذار حتى لا يمس الكرامة شيء من العتب .. وفي كثيرٍ من الأحيان تشاهدهم يتمتعون بتصفية الحسابات دون أرق .. فلا احترام ولا تقدير ولا حنين إلى صحوة الضمير ..وإذا أردت مواجهة أحدهم بالحقائق وطرحت عليه بعض الأسئلة التي تُثير المخاوف يُجيبك : أنا لست ملاكاً حتى أتعامل بمثالية مطلقة .. أنا إنسان !!
بالرغم أن الله كرم الإنسان على سائر المخلوقات وتوج ديننا الحنيف تعاملاته بكل رُقي .. وماذا إذن ؟؟ يا من تؤكد أنك إنسان . أين موقع علاقاتك الإنسانية من الإعراب لديك في جملة تصرفاتك التي قسوت بها على من حولك ؟؟ نترك المكنونات النفسية الصريحة تقرأ ملامح الأعماق في نطاق العيش بالواقع المحسوس.
قطر :
إن الاتصال في العلاقات الإنسانية يتشابه بالتنفس للإنسان ، كلاهما يهدف إلى استمرار الحياة ( فرجينيا ساتير )
العنوان البريدي : مكة المكرمة
ص. ب : 30274
الرمز البريدي : 21955
التصنيف: