[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]

كغيري قرأت التغريدة التويترية للكاتب الرائع صالح الشيحي ،التي يصف فيها ملتقى المثقفين السعوديين الثاني بالرياض بالخزي والعار، لذلك كنت مثل الكثيرين شغوفاً بمتابعة ومشاهدة برنامج ياهلا على قناة روتانا خليجية -مساء الثلاثاء الماضي- الذي استضاف صاحب التغريدة التي أصبحت أشهر تغريدات تويتر على المستوى الثقافي بالمملكة وهي فرصة لكي تتضح الصورة لمن التبس عليهم الأمر مثلي وأصبح لا مصدر أمامهم إلا تغريدة الشيحي وردود معارضيها وأحاديث وتهم موزعة على الصحف والمنتديات الإلكترونية .
وللأسف لم يوضح الشيحي للمشاهدين من بداية البرنامج وحتى نهايته أي مشهد أو دليل يمكن للمتابع أن يطلق على الملتقى صفة الخزي والعار . حتى قوله إنَ أحدى النساء أزالت غطاء رأسها لكي تظهر شعرها وهي تتحدث مع أحد أو عدد من الرجال على هامش الملتقى هو سلوك فردي شخصي ولايمكن تعميم هذا السلوك على الجميع. ولم يذكر الشيحي أي معلومة واضحة أخرى قادته إلى ذلك الوصف المشين بل ركَز فقط على أن ما حصل هو نتيجة تراكمات سابقة وردَد كلاماً عاماً يفتقر إلى الحجة والإقناع كقوله \”نحن مجتمع محافظ ولنا خصوصيتنا ولا نرضى أن تفرض علينا أمور لا تتفق مع قيمنا وتتعارض مع شريعتنا الإسلامية.. إلخ\” وهي جمل يتفق عليها جميع المواطنين بما فيهم معارضي الشيحي ولا يزايد أي كان على هذا المبدأ في مجتمعنا.
وإذا كان الشيحي يرى أن ما حصل من كشف شعر تلك المرأة وغيرها يجوز تعميمه على جميع المشاركين والمشاركات في الملتقى فهو بذلك يجرِم المجتمع السعودي بأكمله ويتهمه بالخزي والعار أيضاً فهذا يحصل أيضاً في أماكن عدة بالمملكة ويشاهده الجميع كالمستشفيات والمجمعات التجارية والعديد من الشركات الكبيرة فهل يراها الشيحي أماكن خزي وعار. والشيحي معروف في مقالاته أنه يكتب من واقع ما يراه ويعايشه المواطن السعودي في مجتمعه. وبالتالي فهو يرى مثل هذه النماذج وهم بالمناسبة حتى وإن أخطأوا وفق ما تعلمناه في شريعتنا فهم ليسوا بالضرورة سيئون في باقي سلوكياتهم الشخصية وشقيون في أعمالهم وحياتهم بل هم مثلنا يصلُون ويصومون ويخافون الله ومثل أولئك كثير في الخارج كما ذكر الكاتب عبده خال في البرنامج .
قبل بداية البرنامج كنت أتوقع من الكاتب الشيحي أن يكون قادراً على إقناع المشاهدين بالسبب الذي جعله يطلق تغريدته والتي تجاوز صداها الحديث عن نجاح أو فشل أحداث الملتقى أو حتى مناقشة التوصيات الناتجة ولكنه للأسف لم يفعل، فتمنَيت أن يختم البرنامج بتقديم اعتذاره لعموم الحاضرين بالملتقى ولكنه أيضاً لم يفعل بل أنه تحدَى ضيوف البرنامج والمشاركين بالملتقى قائلاً (ألا يوجد فيكم رجل رشيد يذهب إلى المحكمة ليشتكيني!!) وهي جملة استفزازية لا تهدف إلا إلى دغدغة مشاعر من لا يروق لهم فكر المثقفين في هذا البلد وترمي إلى إضفاء مزيد من الغموض والضبابية على الموضوع وكأنه بذلك التحدِي يقول إنَ من يذهب إلى المحكمة ينطبق عليه المثل الشعبي (اللي على رأسه بطحة..) وهي أبداً لا تتناسب مع أطروحاته الكتابية المميزة ولا تستقيم مع روعة كتاباته التي يستمتع بها الكثير من عشاق قلمه.
وكما حاول ضيوف ومقدم البرنامج إقناع صالح الشيحي في توضيح اتهاماته وتحديدها أقول له راجياً: في مجتمعنا المحافظ.. كما تقول أنت ونؤكد نحن ذلك أيضاً.. لا يجوز أن ترمي التهم هكذا بلا أدلة، وإذا كنت لا زلت ترى أنَ ما شاهدته خزياً وعاراً فحدِد من هم الذين اقترفوا الذنب في نظرك واسلك الطرق النظامية لتقديم شكواك ولكن أسرع في تقديم الاعتذار لمئات المشاركات والمشاركين بالملتقى فالاعتذار من شيم الكبار أيها الكاتب النبيل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *