[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]حسين عبد الله المالكي[/COLOR][/ALIGN]

ليس من المهم جداً وجود جثة ملقية بعشوائية في أحراش يابسة أو خضراء بقدر أهمية معرفة من ألقاها في ذلك المكان، وليس من الأهمية بمكان أيضاً التعرف على هوية صاحب أو صاحبة الجثة فهي في النهاية جثة فارقتها الروح بلا رجعة بقدر ما يهم وبالدرجة الأولى التعرف على الفاعل الذي قد قرر ودبر وفعل فعلته وانسل بجسده إلى المجهول واختفى.
كذلك الأكل، والأكل عملية فيزيائية يقوم بها الإنسان والحيوان على حد سواء كلّ وما تشتهي نفسه وتتحرك إليه غريزته .. هناك ارتباط بسيط بين الآكل والمأكول من حيث الرغبة التي تسبق القدر والقدر بالمناسبة هو الوسيط بين طرفي المعادلة التي لازال يستحيل حلها وحيث ان الرغبة هي الرابط بين الطرفين فعملية الأكل قائمة.
وهكذا تبقى روح وتغادر أخرى حتى يرث الله الأرض ومن عليها والأرواح إنما تبقى وتغادر نتيجة تلك الرغبة المنتهية إلى أكل .. الرغبة قبل ممارستها تخضع لرؤية بعيدة المدى نتيجة إفراز رؤيوي متبصر أشبه بالميتافيزيقا وربما بُنيت هذه الرؤية على نزعة من الصعب التكهن بتحركاتها وخفاياها إلا إنه نزعة تميل إلى الأكل وحسب.
تلك الرؤية يدفعها حب السيطرة والتملك العامل بفاعلية لاتسكن حتى وإن كلف الأمر إزهاق روح وسحقها على عتبة الضمير ذلك الذي خرج على اليقظة وتغلب على أصحاب الكهف في ساعات وسني نومه الطويلة، ذلك المُلام الذي تتوجه إليه البنان وتشير إليه الغشاوة دون إبصارها من خنقه بين جنبيه حتى الموت والموت هو القدر الذي يلي الرغبة التي طالما تمخضت عن مأكول جديد يضيف إلى الأموات رقما كصاحبنا الضمير.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *