أعصبوها برأسي وقولوا جبن

• علي محمد الحسون

•• هذه – الروحاء – كانت لهم أرضاً مستوية عندما قرر أن يتوقف عند بئرها لترتوي جمالهم، ويأخذوا قسطاً من الراحة، كانت نسمات الهواء تصافح الوجوه المبسوطة هدوءاً ويقيناً عندما التفت أحدهم نحو صاحبه هامساً متى نصل إلى هناك إنني في شوق إلى مواجهة القوم، رد عليه صاحبه عما قليل يكون ذلك، مع بداية غروب الشمس بدأ الرحيل غرباً إلى آبار بدر، فهذه عير قريش قد أقبلت من الشام ونحن أحق بما عليها من ”أنفال” مقابل ما صادرته قريش من أموال لنا في مكة، هكذا راح يهمس في اذن صاحبه، كانت – بدر – أرضاً جرداء لا ماء فيها إلا بعض آبار. عندما وقف عند العدوة الدنيا راح يعد أصحابه لملاقاة – العدو – بعد أن فرَّ الركب – بقيادة أبي سفيان غرباً صوب البحر مبتعداً عن المكمن الذي أعد له، كانت قريش قد خرجت عن بكرة أبيها، هاهي مكة قد خرجت بأكبادها، بكل عنفوانها وجبروتها، صاح عتبة وقد عرف بأن القافلة قد نجت دعونا نعود إلى مكة وأعصبوها في رأسي وقولوا جبن عتبة، وأنتم تعرفون أنني لست بأجبنكم، اتاه صوت ابي جهل بن هشام كأنه فحيح أفعى لن نعود لابد من بدر نقيم فيها ثلاثاً، ونشرب الخمر وتغني القيان حتى نرهب العرب بقوتنا، كانوا بالعدوة القصوى عندما تلاقى الفريقان، كانت العيون شاخصة إلى السماء، عيون تبحث عن مواقع أقدامها على الأرض فيغشاها النعاس أمنة وتغسلهم زخات المطر لتنبت الأرض من تحتهم فتنعش نفوسهم.. ليخرج عتبة صائحاً يا محمد هذا أنا وأخي شيبة وابني الوليد أخرج لنا أكفاءنا من قريش، فيخرج حمزة وعبيدة بن الحارث وعلي فيطيح حمزة برأس عتبة وعلي برأس الوليد واختلف عبيدة مع شيبة، ليشتبك الفريقان، وتدور رحى الحرب فتهزم قريش ويقذف بصناديدها إلى القليب، ويؤسر سبعون منهم ليعود صلوات الله عليه إلى المدينة مسروراً بهذا النصر العظيم، إنه يوم الفرقان.
هذا ما ذكرته ذات يوم ونعيده للذكرى فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *